للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم ذكر المصنف - رحمه الله - أنه ليس من تأكيد الاسم قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) } (١) {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) } (٢) . لأن معنى (دكًا دكًا) أي: دكًا بعد دك. وأن الدك كرر عليها حتى صارت منخفضة الجبال، وعلى هذا فهو (حال) ، والدكُّ هو حط المرتفع والتسوية، ومعنى (والملك صفًا صفًا) أي: تنزل ملائكة كل سماء فيصفون صفًا بعد صف محدقين بالجن والإنس. وعلى هذا فهو (حال) .

والظاهر أن قوله تعالى (دكًا دكًا) من باب التوكيد، وعليه كثير من النحاة كما قال (الفاكهي) في شرحه على القطر (٣) ، وجرى عليه ابن هشام نفسه في كتابه "شذور الذهب" (٤) لأن الدك في القيامة مرة واحدة، بدليل قوله تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) } (٥) فيكون اللفظ الثاني مؤكداً للأول.

وأما قوله تعالى: (صفًا صفًا) فالظاهر أنه ليس بتوكيد، بل هو حال على ما تقدم، أي: مصطفين، أو ذوي صفوف كثيرة، والله أعلم. (٦)


(١) سورة الفجر، آية: ٢١.
(٢) سورة الفجر، آية: ٢٢.
(٣) مجيب النّدا (٢/٢٢٤) .
(٤) شرح شذور الذهب ص٤٢٨.
(٥) سورة الحاقة، آية: ١٤.
(٦) هذا التقدير مبني على قولهم إن مجيء الحال مصدراً غير مقيس، وأنه لابد من تأويله بوصف. والصواب أنه مقيس لكثرة وروده في أفصح كلام وهو القرآن الكريم. ولا داعي للتأويل قال تعالى: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً} وقال تعالى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} وقال تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} .

<<  <   >  >>