للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الفصل للتفريق بينها وبين المصدرية. وسيأتي إن شاء الله الكلام على ذلك في باب (إن وأخواتها) .

مثالها: أيقنت أنْ سيندمُ الظالمون، فـ (أن) مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشِأن محذوف. وتقديره: أنه، أي: الحال والشأن. وجملة (يندم الظالمون) خبرها. ومنه قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} (١) فـ (أن) مخففة، واسمها ضمير الشأن محذوف، والسين حرف استقبال و (يكون) فعل مضارع ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر. مرفوع بالضمة (منكم) خبر (يكون) مقدم (مرضى) اسمها مؤخر. والجملة في محل رفع خبر (أنَّ) المخففة، والمصدر المؤول (أن سيكون) في محل نصب سد مسدّ مفعولي (علم) .

الحالة الثانية: أن يتقدم عليها ما يدل على الظن والرجحان مثل: ظن، خال، حسب، ونحوهما. فيجوز أن تكون مخففة من الثقيلة ويرفع المضارع بعدها وتأخذ الأحكام السابقة، وأن تكون مصدرية ناصبة للمضارع. وهو الأكثر والأرجح، لأن الأصل بقاء الظن على بابه. لأن الرفع يلزم عليه تأويل الفعل باليقين. ومنه قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (٢) فقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع (تكون) على أنها مخففة. و (حسبوا) بمعنى (أيقنوا) ؛ لأن (أن) للتأكيد. والتأكيد لا يجوز إلا مع اليقين. وقرأ الأربعة الباقون من السبعة بنصب (تكون) على أنها هي الناصبة للمضارع. و (حسب) بمعنى الشك. لأن (أن) الناصبة ليست للتوكيد، بل الأمر قد يقع وقد لا يقع.

وهذا معنى قوله: (فإن سُبِقَتْ بظن فوجهان) أي: الرفع باعتبارها مخففة، والنصب باعتبارها مصدرية ناصبة للمضارع.


(١) سورة المزمل، آية: ٢٠.
(٢) سورة المائدة، آية: ٧١.

<<  <   >  >>