للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن تكون الواو للمعية. وهي التي تفيد مصاحبة ما قبلها لما بعدها بمعنى أنهما يحصلان معاً في زمن واحد يجمعهما.

الثاني: أن تكون مسبوقة بنفي محض أو طلب بالفعل.

فمثال النفي: لن يأمر الناصح بالأمانة ويخونَ. فالفعل (يخون) منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبًا بعد واو المعية. لأن المنفي هو مصاحبة الخيانة للنصح بالأمانة. وقد تقدم على (الواو) نفي محض لم ينتقض، ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (١) فـ (يعلم) مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة وجوبًا بعد (واو) المعية. وقد سُبِقَتْ بالنفي (ولما يعلم) (٢) .

وأما الطلب فمنه:

الأمر نحو: أيها الصديق اغفر هفوتي واغفرَ هفوتك لتدوم صداقتنا.

والنهي نحو: لا تأمر بالصدق وتكذبَ.

والاستفهام: نحو: هل حفظت الأحاديث وأسمعَها منك؟

والعرض نحو: ألا تزورنا ونكرمَك.

والتحضيض نحو: هلا أديت واجبك ويشكرَك أبوك.

والتمني نحو: ليت لي مالاً وأحجَّ منه. ومنه قوله تعالى: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٣) فقد قرأ حفص وحمزة (ولا نكذبَ) بالنصب جوابًا للتمني بعد واو المعية، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص (ونكون) بالنصب - أيضًا - ورفعهما الباقون عطفًا على (نُرَدُّ) (٤) .

والترجي نحو: لعل الله يشفيني وأزورَك.

قوله: (وَلاَ تَأكُلِ السَّمَكَ وتَشْرَبَ اللبَنَ) يجوز في الفعل (تشرب) ثلاثة أوجه: -

الأول: النصب على أن الواو للمعية في جواب النهي. ويكون القصد النهي عن الجمع بينهما.


(١) سورة آل عمران، آية: ١٤٢.
(٢) لما: أداة جزم (يعلم) مضارع مجزوم بالسكون وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين.
(٣) سورة الأنعام، آية: ٢٧.
(٤) انظر: الكشف لمكي (١/٤٢٧) .

<<  <   >  >>