للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أن يقع بعده مضارع مجرد من الفاء.

الثالث: أن يقصد الجزاء.

الرابع: إن كان الطلب بغير النهي كالأمر فشرطه: صحة المعنى بوضع (إن) الشرطية وفعل مفهوم من السياق موضع الطلب، وإن كان الطلب بالنهي فشرطه: أن يستقيم المعنى بحذف (لا) الناهية ووضع (إن) الشرطية وبعدها (لا) النافية محل (لا) الناهية.

مثال ذلك: عامل الناس بالحسنى يألفوك، فالفعل (يألفوك) مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، لأنه من الأمثلة الخمسة، وقد تقدم عليه طلب، وهو الأمر (عامل) ، والجازم له هو وقوعه في جواب الطلب (١) .

ومنه قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} (٢) فـ (أتل) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة وهو الواو. لوقوعه في جواب الطلب (تعالوا) وقد قُصِدَ الجزاء، إذ المعنى: تعالوا فإن تأتوا أتل عليكم. فالتلاوة مسبَّبة وناتجة عن مجيئهم.

ومثال النهي: لا تعجل في أمورك تسلمْ. فالفعل (تسلم) مجزوم لوقوعه في جواب الطلب وهو النهي. ويصح أن تضع (إن) قبل (لا) فتقول: إلا تعجل في أمورك تسلم. أي: إن لا تعجل ...

فإن لم يتقدم طلب بل تقدم نفي أو خبر مثبت لم يصحَّ جزم المضارع، بل يجب رفعه نحو: ما تأتينا تحدثُنا، ونحو: أنت تأتينا تحدثُنا. برفع (تحدثنا) في المثالين.

وإن لم يقصد الجزاء وجب الرفع - أيضاً - نحو: ائتني برجل يحبُّ الله ورسوله. فلا يجوز جزم المضارع (يحبُّ) لعدم قصد الجزاء، لأن المحبة ليست ناتجة عن الإتيان به. وإنما المراد هذه صفته.

وكذا إذا لم يستقيم المعنى عند إحلال (إن) الشرطية و (لا) النافية معاً محل (لا) الناهية. نحو: لا تدن من الأسد يأكلُك، برفع: (يأكلك) ولا يجوز جزمه إذ لا يصح: إن لا تدن من الأسد يأكلك.


(١) هذا أيسر الآراء في العامل الذي جزم المضارع الذي تجرد من الفاء. وللنحاة كلام طويل في ذلك محله الكتب المطولة كشرح الأشموني بحاشية الصبان (٣/٣٠٩) .
(٢) سورة الأنعام، آية: ١٥١.

<<  <   >  >>