آيات السور آية آية. فيبقى تقرير المسألة على ما ذكرناه من أن حصر الكتب المصنّفة فى التفسير بالمعنى العام فى هذه الكتب السبعة من سنة ٢٧٣ هـ إلى ٤١٠ هـ.
ح- المرحلة الثالثة: ويعرّفها الباحثون بأنها مرحلة اختصار الأسانيد، أو حذفها نهائيا من التفسير. واشتراك هذه المرحلة مع ما سبقها من مراحل إنما هو فى استمرار التفسير بالمأثور والجديد فى هذا «المأثور» أنه خلا من السند، وبقيت المتون دون إسناد، أو على أقل تقدير أوقف النقل على أعلى رجل فى الإسناد، واختصرت السلسلة كلها.
وهذا أدى إلى أول مدرج من مدارج الوضع فى التفسير، كما كان أول إلباس يدخله مصنفو هذه الكتب على قارئيها فيظنون ما ليس بصحيح صحيحا.
كما أصبح الأمر أكثر خطورة من ذلك إذ نقلت الإسرائيليات فى هذه الكتب على أنها حقائق ثابتة ومقطوع بها. إلى جانب أن مصنفيها لم يحرروا المسائل التى قطع بالتفسير فيها، ومعلوم أن المقطوع بتفسيره بالنّص لا يحتاج بعده إلى تفسير.
فإذا عرفنا من تفسير النبى صلّى الله عليه وسلّم أن «الكوثر». فى قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ نهر فى الجنة أعطاه الله لنبيه، والخطاب موجه إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم، فليس لأحد من المفسرين بعد ذلك أن يفسر الكوثر بغير ما فسره النبىّ صلّى الله عليه وسلّم.
والذى حدث فى هذه المرحلة «الخطيرة» أنه مع انتقال الأمة من تحويل العملية التعليمية من مرحلة التعليم بواسطة «التلقى» .. إلى مرحلة التعليم بواسطة «التدوين» والكتابة، فإن هذه الخطوة الأخيرة أحدثت خللا بالغ الخطورة! إذ ما كاد الناس يستغنون عن «التلقى» إلى «التدوين» حتى استغنوا أيضا عن «الإسناد». إلى تصنيف الكتب فى التفسير دون عزو لقائل، كما كان الحال طوال عصور الصحابة،