للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سجل لنا التاريخ بعضا ممن اختلت عقولهم وفسدت عقائدهم: حاولوا معارضة القرآن ففضح أمرهم وهموا بما لم ينالوا، إذ أن المطلع على كلامهم يجده هراء ولغوا لا يقوى على مواجهة الفصيح من كلام الخلق فضلا عن قدرته على مواجهة كلام الخلّاق، فكانت محاولاتهم بمثابة العدم المحض. (١)

ولقد كان القرآن معجزا لأنه من لدن قوى قاهر أحاط بكل شىء علما، متصف بصفات الكمال ومتنزه عن صفات النقص فكان كلامه معجزا لذلك، وكلام المخلوقين صادر عن ضعيف ناقص لا يملك أسباب الكمال، لذا فقد جاء غير معجز ولا سالم من صفات النقص.

ويخرج بهذا القيد- أيضا- الحديث القدسى، فهو منسوب إلى الله تعالى، لكنه لم يصل بألفاظه ومعانيه إلى حد الإعجاز.

[القيد السابع]

«المتعبد بتلاوته» فقد تعبدنا الله- عز وجل- بتلاوته واعتبرها الشارع الحكيم عبادة فى حد ذاتها، فى الصلاة وفى خارجها. قال تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ (٢) فقد أمر بالتلاوة فى الصلاة وجعلها ركنا من أركانها لا تصح الصلاة بدونها. وقال- تبارك وتعالى- آمرا بالتلاوة حاضا على التدبر والعمل بما فى القرآن من أوامر ونواه حيث قال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣)، وبهذا القيد خرج الحديث القدسى والحديث النبوى، والقرآن المنسوخ التلاوة لأن الله لم يأمرنا بتلاوتها فى الصلاة ولا فى خارجها ولم يتعبدنا بها كذلك.

[القيد الثامن]

«المنقول بالتواتر» لم يحظ كتاب من الكتب السماوية بمثل ما حظى به


(١) السيرة النبوية لابن هشام ٤/ ٥٧٧.
(٢) المزمل: ٢٠.
(٣) القمر: ١٧.

<<  <   >  >>