(١) أن «الوحى» بنوعيه الجلىّ، والخفىّ، وصوره التى نزل بها مصدرها واحد. وعن الوحى جاء ما عرف علميا باسم «السنة»، وما عرف علميا باسم «القرآن».
(٢) أن الجيل الأول الذى شاهد الوحى وهو ينزل «بالعلم» هم الذين قاموا على تسجيله وضبطه، وحفظة، سواء فى الصدور، أو فى السطور تحت رعاية النبىّ صلّى الله عليه وسلّم وتوجيهه، وإرشاده.
[المبحث الثالث: السنة النبوية المشرفة (الوحى الخفى)]
أما الوحى الخفى (أعنى السنة المشرفة) فقد تأخر تدوينها بصفة رسمية نظرا لوجود بعض الأحاديث الناهية عن كتابتها وتدوينها، مما جعل كثيرا من حفاظ السنة ونقلتها يحجمون عن كتابتها تورعا، وخوفا من وقوعهم فى ما نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنه. بقوله:«لا تكتبوا عنى شيئا، ومن كتب عنّى غير القرآن فليمحه».
وقد اتخذ بعض المغرضين من تأخر تدوين السنة ذريعة للتشكيك فى صحتها جملة وتفصيلا، أو التشكيك فى معظمها.
غير أن الباحث المنصف إذا أمعن النظر فى الحكمة من نهى الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن التدوين لوجد أن الباعث على النهى أحفظ للسنة من الباعث على الإجازة بكتابتها.
ولو كتبت السنة فى وقت متزامن مع القرآن لكان مجال الطعن فيها وفى القرآن معا أكثر من مجال الطعن فى تأخر تدوينها.
وغالب ما يؤدى إليه نظرى أن النبى الأكرم صلوات الله وسلامه عليه كان أكثر تشوفا للمستقبل عند ما نهى عن التدوين المبكر للسنة مما أدى فيما بعد إلى ابتكار علوم الدفاع عنها، وإثراء الفكر الإسلامى بها، وتفتق الملكات العقلية