الحلال والحرام، ولا يعرف ذلك إلا من خلال معرفة علوم القرآن الكريم كمعرفة المكى والمدنى، وأول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل، ليتوصل بذلك إلى ما إذا كان
الحكم منسوخا أو محكما، فهذه العلوم هى التى تمد المفسر ببيان التفسير، وتمد الفقيه بمعرفة الأحكام، وتمد الأصولى بالقواعد الكلية.
(٢) ولمواقع النظم القرآنى غرض لا يعرفه إلا من تمرس بعلم البلاغة، ولبيان إعجاز القرآن، وبلاغته يلجأ إلى دراسة علم إعجاز القرآن ودراسة أسلوبه.
(٣) وكذلك فإن معانى القرآن، وأسلوب القرآن، وضمائره، كلها تتضافر مع علم الناسخ والمنسوخ، والمكىّ والمدنى، المتقدم والمتأخر، وغيرها من علوم القرآن فى خدمة القضايا الكلية التى نزل القرآن أصلا لمعالجتها سواء فى النواحى الاجتماعية، أم السياسية، أم الاقتصادية، أم الحربية، أم الأخلاقية، أم غير ذلك.
[تطور علوم القرآن]
يرى كثير من الباحثين أن علوم القرآن لم تترعرع وتشب عن الطوق إلا على يد بدر الدين الزركشى فى نهاية القرن الثامن الهجرى.
غير أنه يحسن بنا أن نلقى الضوء فى اختصار على تاريخ بدء هذا العلم ومراحل نموّه فى النقاط التالية:
* نشأت علوم القرآن فى صدور الصحابة- رضوان الله عليهم- حيث كانوا أعلم الناس بالقرآن ومعرفة علومه دون أن تكون لهذه العلوم ثمة شىء من التدوين أو التسجيل، شأن كافة العلوم التى نبتت فى صدور الصحابة، وعرفوها وميزوا آيات الذكر الحكيم على ضوئها دون أن تسمّى هذه العلوم، فضلا عن أن يكون لها نصيب من التدوين، إذ كان النهى عن تدوين غير القرآن أمر صاحب الرسالة- صلوات الله وسلامه عليه- مخافة أن يلتبس غير القرآن به.
وما أن كانت الخلافة الراشدة الثالثة حتى هبّ عثمان بن عفان- رضى الله عنه- بجمع القرآن على لغة واحدة هى لغة قريش، وعلى رسم واحد فى الكتابة