ومعلوم أن مذهب أهل السنة والجماعة لا يتفق مع مذهب المعتزلة فى القول بهذه الأصول. والمعتزلة ينكرون الأحاديث الصحيحة إذا عارضت مذهبهم.
يقولون بأن كل محاولاتهم فى التفسير مرادة لله تعالى. كما يعتمدون اعتمادا قويا على اللّغة فى إثبات ما يذهبون إليه من هذه الأصول.
كما يتذرعون بالفروض المجازية إذا بدا لهم ظاهر القرآن غريبا.
[الزمخشرى وكتابه]
كان الزمخشرى عالما عبقريا فذا فى علوم النحو، واللغة، والأدب، والتفسير، ويشهد لآرائه فى العربية علماء الأندلس. والزمخشرى معتزلى الاعتقاد، حنفى المذهب، ألف كتابه الكشاف فى التفسير ليدعم به حقيقته ومذهبه. واعتزاليات الزمخشرى فى تفسيره دليل على حذقه ومهارته.
[قيمة الكشاف العلمية]
بصرف النظر عما فى الكشاف من الاعتزال، فإن هذا الكتاب يعد بحق قيمة علمية فريدة لم يسبق مؤلفه إليه لما أبان فيه عن وجوه الإعجاز فى غير ما آية من القرآن، ولما أظهر فيه من جمال النظم القرآنى وبلاغته، وليس مثل الزمخشرى من يستطيع أن يكشف لنا عن جمال القرآن وسحر لغته لما برع فيه من المعرفة بكثير من العلوم، لا سيما لغة العرب، وأشعارهم والإحاطة بعلوم البلاغة والبيان، والإعراب، والأدب ولقد أضفى هذا النبوغ العلمى والأدبى على تفسير الكشاف ثوبا جميلا لفت إليه أنظار العلماء (١).
ومهما قيل فى وصف الكشاف وإطرائه من ناحية إثباته لإعجاز القرآن فإن ما فى الكتاب من اعتزال جعل كثيرا من أقلام العلماء تنال منه وتضعه فى هذا