أما المعتزلة: فكان أول ظهورهم ونشأتهم فى الدولة الأموية على يد «واصل بن عطاء» المتوفى سنة ١٣١ هـ، وكان أول أمره تلميذا للحسن البصرى، وهو الذى سمّاه معتزليا عند ما بدأ يجيب عن الحسن البصرى فى مسائل يتكلم منها بالعقل المجرد الذى ترفضه الناس عن مرتكب الكبيرة أنه «فى منزلة بين المنزلتين».
ومن هنا قال الحسن البصرى لواصل:«اعتزلنا واصل» فصارت علما على هذا المذهب، وبدءوا يتكلمون فى مسائل كثيرة كالقضاء والقدر وغيرهما ثم ما لبث أن استقر مذهبهم على أصول خمسة هى:
١ - التوحيد: وهو لبّ مذهبهم، تأثروا فيه بالإباضية، وهم أول من قالوا به، وبنوا عليه رأيهم القائل: باستحالة رؤية الله- سبحانه وتعالى- يوم القيامة، وأن الصفات ليست شيئا غير الذات.
٢ - العدل: وهو قائم عندهم على أساس أن الله تعالى لم ينشأ جميع الكائنات ولا خلقها ولا هو قادر عليها، لأن أفعال العباد لم يخلقها الله تعالى. لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أراد الله به شرعا، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته.
٣ - الوعد والوعيد: فمعناه أن الله يجازى من أحسن بالإحسان، ومن أساء بالسوء لا يغفر لمرتكب الكبيرة ما لم يتب ولا يقبل فى أهل الكبائر شفاعة ولا يخرج أحدا منهم من النار.
٤ - المنزلة بين المنزلتين: وهو أن مرتكب الكبيرة لا هو مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا.
٥ - وأما الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقد قالوا: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يكون بالقلب إن كفى، وباللسان إن لم يكف القلب، وباليد إن لم يغنيا، وبالسيف إن لم تكف اليد.