لا يستطيع أحد أن ينكر على آخر الراشدين علىّ بن أبى طالب، ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وصهره، وأول من أسلم من الأحداث، وشهد المشاهد كلها، ومن آخاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى الدنيا والآخرة. لا أحد ينكر سعة علمه، وقوة حجته، وسلامة استنباطه، ونضج عقله، ورجاحة قضائه. فكما كان ابن عباس- رضى الله عنه- مرجع الصحابة فى التفسير، كان علىّ- كرم الله وجهه- مرجعهم فى القضايا المعضلة.
وكما كان تفسير ابن عباس بركة دعوة رسول رب العالمين، كان «قضاء علىّ» وهدى قلبه فيه دعوة رسول رب العالمين كذلك. قال النبى صلّى الله عليه وسلّم فيه:«اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه». «أنت أخى فى الدنيا والآخرة». «لأعطيّن الراية رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. ثم أعطاها عليا». ولّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضاء اليمن، فأوفى وأجاد، ورجع إليه الصحابة فى معضلات أمور القضاء حتى صار يضرب به المثل فيقال:«قضية ولا أبا حسن لها»(١).
[مكانته فى التفسير بصفة خاصة]
قدمنا أن مفسرى الصحابة كانوا لا يزيدون على ستة عشر صحابيا من بينهم أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها- وأن المشهورين منهم عشرة، والمكثرون من العشرة أربعة.