للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا مما يجمع بينهما: بأن أول ما وقع له ذلك هلال بن أميّة، وصادف مجيء عويمر أيضا. فنزلت الآية بشأنهما. وإلى هذا مال الخطيب فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك فى وقت واحد»، وقال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب (١).

ج- فإن لم يمكن الجمع لتباعد الزمن، فإن الترجيح يحمل على تعدد نزول الآية، وتكرره.

ومثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: «لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أمية، فقال: أى عمّ قل:

لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله.

فقال أبو جهل، وعبد الله: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب! فلم يزالا يكلمانه حتى قال: هو على ملة عبد المطلب.

فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنه» فنزلت ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ الآية (٢).

وأخرج الترمذى- وحسّنه- عن على- كرم الله وجهه-، قال: سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان، فقال استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فنزلت.

وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود، قال: خرج النبى صلّى الله عليه وسلّم يوما إلى المقابر، فجلس إلى قبر منها، فناجاه طويلا، ثم بكى، فقال: إن القبر الذى جلست عنده قبر أمى، وإنى استأذنت ربى فى الدعاء لها فلم يأذن لى، فأنزل علىّ ما كان للنبى والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين.

وفى هذه الأمثلة، وما هو على حالتها يجمع بين نصوصها بتعدد نزول الآية فيها (٣).


(١) الإتقان ١/ ٩٥.
(٢) صحيح مسلم.
(٣) الإتقان فى علوم القرآن ١/ ٩٦.

<<  <   >  >>