للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) ولما كان العقل البشرى الفطرى يختلف من إنسان لآخر فى حدّ القدرة والذكاء، كما يختلف فى حدّ الضعف والغباء، وأن الناس يتفاوتون فى المعرفة نتيجة تفاوتهم فى الاستنتاج والاستنباط من مقدمات الكون وأدلته، لذلك لم يترك الله عز وجل- وهو الحقيقة الكبرى والوحيدة- هذا المخلوق نهبا لعقله الفطرى الذى قد يصيب عند البعض، ويخطئ عند الغالبية العظمى، لذلك «ألهم» من بينهم عقلاء ... شرفاء ... أمناء ... أرسلهم إلى أممهم ليدلوهم على الطريق السوى ... ويهدوهم إلى السبيل القويم ... ويتلوا عليهم كتبا فيها تنظيم لسلوكياتهم، وترشيد لمفاهيمهم وأعمالهم، وتعريفهم بمنازلهم عند الخطأ أو حال الصواب.

١ - أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١).

٢ - وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (٢).

* إذا فالله تعالى هو حقيقة الوجود بلا مراء، ولا جدال، وكل ما عداه باطل .. زائف .. زائل.

وهذا المعنى هتفت به فطرة الإنسان العربى قبل أن يبعث النبىّ محمد صلّى الله عليه وسلّم.

قال لبيد:

ألا كل شىء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل (٣)

* وقد دلّت الفطرة السليمة، والنظر السديد فى آيات الكون المنظور .. فى السماء .. فى الأرض .. فى الجبال .. فى البحار .. فى المطر .. فى الرعد ..

فى كل شىء على إثبات حقيقة وجود الله تعالى .. وحقيقة أنه الخالق ..


(١) المؤمنون: ١١٥.
(٢) الإسراء: ١٥.
(٣) جامع البيان ١٣/ ١٤٨.

<<  <   >  >>