للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على قول مَنْ جعلها موضع الجذع. وفيها خشبة ظاهرة سدادة مثبتة بالرصاص لموضع (١) كان في حَجَرٍ من حجارة الأسطوانة مفتوح، وقد حُوِّط عليه بالبياض، والخشبة ظاهرة، يقول العامة هذا [هو] الجذع الذي حَنَّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. وليس كذلك، بل هذا من جملة البدع التي تجب إزالتها، لئلا يَفتتن بها الجُهَّال كما أزيلت الجَزْعة (٢) التي كانت في المحراب القِبْلي فإن الشيخ أبا حامد (٣) لما ذَكر مُصلَّى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من الروضة حققه بقوله إذا وقف المُصلّي في مقام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تكون رُمانة المنبر حذو منكبه الأيمن، ويجعل الجزعة التي في القبلة بين عينيه فيكون واقفًا في مصلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

قلت: وذلك قَبل حريق المسجد، وقبل أن يُجعل هذا اللوح القائم في قِبلة مُصلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وإنما جُعل بعد حريق المسجد. وكان يحصل بتلك الجزعة فتنةٌ كبيرة وتشويش على مَنْ يكون بالروضة الشريفة من المجاورين وغيرهم. وذلك أنه يجتمع إليها النساء والرجال، ويقال هذه خرزة فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وكانت عالية لا تنال بالأيدي، فتقف المرأة لصاحبتها حتى ترقى على ظهرها وكتفيها حتى تصل إليها، فربما وقعت المرأة وانكشفت عورتها، وربنا وقعتا معًا، فلما كان في سنة إحدى (٤) وسبع مئة جاور الصاحب زين الدين أحمد بن محمد بن علي بن محمد المعروف بابن حنا، فرأى ذلك فاستعظمه وأمر بقلع الجِزعة، فقُلِعت، وهي الآن في حاصل الحرم الشريف، ثم توجه إلى مكة في أثناء السنة فرأى أيضًا ما يقع من الفتنة


(١) وردت هذه الجملة في (ب) وفي (ص) كالتالي: وفيها خشبة ظاهر مثبتة بالرصاص سدادة لموضع.
(٢) في الأصل الجزعة، وفي (ب) و (ص) الجذعة من الجذع وهو خطأ. والجزعة هي ضرب من الخرز اليماني فيه سواد وبياض. ابن منظور ج ١ ص ٤٥٥.
(٣) أبو حامد: والإمام الغزالي صاحب الإحياء السمهودي: وفاء ج ١ ص ٣٧٢.
(٤) في الأصل أحد.

<<  <   >  >>