للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب عثمان -رضي الله عنه-، وهو المتقدم ذكره، أنه نُقل عند بناء الحائط الشرقي قُبَالة الباب الأول الذي كان يدخل منه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو باب جبريل -عليه السلام-، وهو مقابل لدار عثمان -رضي الله عنه-. ثم اشترى عثمان -رضي الله عنه- ما حولها إلى القبلة والشرق (١). وشماليها الطريق من باب جبريل إلى باب المدينة الأول، الذي مِن عمل جمال الدين الأصفهاني (٢) ومنه يخرج إلى البقيع، فالذي يُقابل باب جبريل -عليه السلام- منها اليوم رباط أنشأه جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني وزير بني زنكي وَقَّفه على فقراء العجم وجُعِل له فيها مشهد (٣) فلما تُوفي حملوه إلى المدينة، ودفن فيه، وكان قد جَدّد أماكن كثيرة بمكة والمدينة من المشاهد والمشاعر، منها باب إبراهيم بالمسجد الحرام وزيارته، ومنها المنائر التي بالمسجد الحرام واسمه عليها، وعلى الباب مكتوب، وكان قد جَدَّد باب الكعبة المعظمة وأخذ الباب العتيق وحمله معه إلى بلده، وعمل منه لنفسه تابوتًا حُمِل فيه إلى المدينة بعد موته.

وعَمِل للمدينة الشريفة سورًا متقنًا بأبواب حديد، ولكنه كان على ما حول المسجد، فلما كثُر الناس بالمدينة، ووصل السلطان الملك العادل نور الدين الشهيد محمود بن زنكي بن آق سنقر ملك الشام إلى المدينة للزيارة، ولقصد آخر مذكور فيما بعد، [عندما] رأى الناس قد نزلوا خارج السور من كل ناحية، وشكوا إليه حالهم، فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم، وذلك في


(١) في (ب) والشرقي.
(٢) جمال الدين الأصفهاني: هو محمد بن أبي منصور الملقب بالجواد الأصفهاني أحد وزراء بني زنكي قام بعدة إصلاحات بالمدينة ومكة منها بناء سور للمدينة سنة ٥٤٠ هـ وتوفي في سنة ٥٥٩ هـ وأوصى بأن يدفن في المدينة فحمل إليها. السمهودي: وفاء ج ٢ ص ٦٨٩ - ٦٩٠، ٧٦٦، ٧٦٧.
(٣) مشهد هنا تعني قبر أو مدفنًا وربما يفهم منها مزار في بعض البلاد والاسم لا يخلو من بدعة محدثة حول القبور. لكن المؤلف يكتب بأسلوب عصره وروحه، وهو مما لا يخفى على القارئ الآن.

<<  <   >  >>