للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) ، وقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٢) .

وجه الدلالة من هذه الآيات: أنها أفادت أنه إذا توقف شفاء المريض أو الجريح وإنقاذ حياته على نقل الدم إليه من آخر بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه في شفائه وإنقاذ حياته - جاز نقل هذا الدم إليه، وهذا في الحقيقة من باب الغذاء لا من باب الدواء.

وأما الثاني: فالذي ينقل منه الدم هو الذي لا يترتب على نقله منه ضرر فاحش؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار (٣) » .

وأما الثالث: فهو أن الذي يعتمد على قوله في استدعاء نقل الدم هو الطبيب المسلم.

وإذا تعذر فلا يظهر لنا مانع من الاعتماد على قول غير المسلم، يهوديا كان أو نصرانيا إذا كان خبيرا بالطب، ثقة عند الإنسان. والأصل في ذلك: ما ثبت في الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استأجر رجلا مشركا هاديا خريتا (ماهرا) » .

قال ابن القيم في كتاب [بدائع الفوائد]- ما نصه: في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط الديلي هاديا في وقت الهجرة وهو كافر - دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة. ولا يلزم من مجرد


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة الأنعام الآية ١١٩
(٣) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣٢٧) .

<<  <   >  >>