للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى نَحْوَ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الضَّيْمَ أَيْ: لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَلْتَزِمُهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [الجمعة: ٥] أَيْ: لَمْ يَقْبَلُوا أَحْكَامَهَا وَلَمْ يَلْتَزِمُوهَا بِخِلَافِ حَمْلِ الْجِسْمِ نَحْوَ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الْحَجَرَ أَيْ: لَا يُطِيقُهُ لِثِقَلِهِ وَلَوْ حُمِلَ الْخَبَرُ عَلَى هَذَا لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ فَائِدَةٌ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَاءِ فَبِالْأَوْلَى وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ وَيَشَقُّ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ.

(إلَّا مَيْتًا بِلَا سَيْلِ دَمٍ) لَهُ عِنْدَ شَقِّ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ كَذُبَابٍ وَنَحْلٍ وَنَمْلٍ وَخُنْفُسَاءَ وَبَقٍّ وَعَقْرَبٍ وَقَمْلٍ وَبُرْغُوثٍ وَوَزَغٍ فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ إذَا (لَمْ يُنْبَذْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَمْ يُلْقَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَيِّتُ بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ بِنَفْسِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» زَادَ أَبُو دَاوُد «وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ وَقَدْ يُفْضِي غَمْسُهُ إلَى مَوْتِهِ» فَلَوْ نَجِسٌ لَمَا أَمَرَ بِهِ وَقِيسَ بِالذُّبَابِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ نَجَّسَهُ بِوُصُولِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ نَعَمْ لَوْ أُخْرِجَ مِمَّا نَشْؤُهُ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَادَ الْقَوْلَانِ أَيْ: فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ كَالذُّبَابِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِالْقُلَّتَيْنِ) لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِمَا دُونَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فَائِدَةٌ وَهُوَ الِاهْتِمَامُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى حُكْمِ الْقُلَّتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِمَا دُونَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ) وَلَوْ بِنَبْذِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَبَهِيمَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: مِمَّا نَشْؤُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَأُلْقِيَ فِيهِ) أَيْ: بَعْدَ الْمَوْتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُجَابُ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.

بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

دَفْعٌ وَالدَّفْعُ أَقْوَى غَالِبًا حَجَرٌ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ عَنْ قُلَّتَيْنِ النَّقْصُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى مَا يُغْتَفَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: فَمَعْنَى لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا لَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ) أَيْ: كَمَا قَالَ الْمُخَالِفُ لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ جَعَلُوا ضَابِطَ مَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ طَرَفُهُ لَمْ يَتَحَرَّكْ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَاعْتَرَضَهُ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِّ الْوَارِدِ عَنْ الشَّارِعِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَابِطَ لَهُ لِاخْتِلَافِهِ بِضِيقِ مَوْضِعِ الْمَاءِ وَسِعَتِهِ فَإِنَّ الْمَاءَ يَكُونُ عَمِيقًا مَعَ ضِيقِ مَكَانِهِ وَقَلِيلًا مُنْبَسِطًا لِقُرْبِ قَرَارِهِ وَقَدْ ذَكَرَ لِي بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ يَلْتَزِمُونَ قَضِيَّةَ هَذَا الْإِيرَادِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمَعْنَى) أَيْ: بِاتِّفَاقٍ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَبَثِ خُصُوصَ الْحِسِّيِّ فَالْمُرَادُ وَصْفُ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَمْلِ الْجِسْمِ) أَيْ: فَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَمْلِ الْمَعْنَى مَجَازًا أَيْ: لَا يُطِيقُ النَّجَاسَةَ بَلْ يَتَنَجَّسُ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: بِلَا سَيْلِ دَمٍ) لَوْ شَكَّ هَلْ الْمَيْتَةُ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ اُتُّجِهَ الْعَفْوُ وسم. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَجِّسُ مَا وَقَعَ) بِوُصُولِهِ فِيهِ بَلْ بِتَغَيُّرِهِ وَلَوْ قَلِيلًا وَقِيلَ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا فَالْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِهَا طَاهِرٌ فَقَطْ وَقِيلَ طَهُورٌ أَيْضًا. اهـ. عُبَابٌ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ نُبِذَ فِيهِ نَجَّسَهُ جَزْمًا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْجَزْمُ فِيمَا بَعْدَ الِاسْتِدْرَاكِ. (قَوْلُهُ: لَوْ أُخْرِجَ) أَيْ: مَيِّتًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ إلَخْ) لِأَنَّ النَّاشِئَ مِنْ شَيْءٍ صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَضُرَّ طَرْحُهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ كَذَا وَجْهُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تَدَبَّرْهُ. (قَوْلُهُ: فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّرْحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ فَلَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ وَطُرِحَ فِي غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ عَادَ الْقَوْلَانِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا: فَإِنْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَيَوَانُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِي مَائِعٍ غَيْرِهِ أَوْ رُدَّ إلَيْهِ فَهَلْ يَنْجُسُ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ: الَّذِي وَقَعَ بِنَفْسِهِ اهـ فَحَمَلَ عِبَارَةَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ هَكَذَا وَيُسْتَثْنَى مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا بِمَوْتِهَا فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا وَالثَّانِي تُنَجِّسُهُ كَغَيْرِهَا.

وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ كَالْعَلَقِ وَدُودِ الْخَلِّ لَمْ تُنَجِّسْهُ جَزْمًا وَلَوْ طُرِحَتْ فِي الْمَائِعِ بَعْدَ مَوْتِهَا نَجَّسَتْهُ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ فِيمَا فِي الْمَاءِ لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ عَادَ الْخِلَافُ أَيْ: بِمَوْتِهِ فِيهِ اهـ فَنَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ بِنَفْسِهِ حَيًّا وَمَاتَ فِيهِ اهـ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا نَشْؤُهُ مِنْهُ إذَا طُرِحَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا طُرِحَ حَيًّا بِحَمْلِ عِبَارَةِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ الْمَحْمُولِ عَلَى الطَّرْحِ حَيًّا بِقَرِينَةِ جَزْمِهِ فِي الصَّغِيرِ بِالتَّنَجُّسِ مَعَ إطْلَاقِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ مَا نَشَأَ مِنْهُ وَإِنَّمَا حَمَلَ الشَّارِحُ عَلَى التَّصْوِيرِ بِالْإِلْقَاءِ مَيِّتًا عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِأَصْلِ الْخِلَافِ هُوَ الْإِلْقَاءُ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الَّذِي يُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا إذَا أَعَادَهُ إلَيْهِ حَيًّا فَمَاتَ فِيهِ فَإِنْ أَعَادَهُ مَيِّتًا نَجَّسَ قَطْعًا وَلَيْسَ كَمَا زُعِمَ مِنْ الْقَطْعِ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ وَإِنْ أَعَادَهُ مَيِّتًا فَنَقُولُ: إنَّ فِي طَرْحِ مَا يُعْفَى عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَضُرُّ مُطْلَقًا وَجَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ تَنْقِيحِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضُرُّ فِيمَا نَشْؤُهُ مِنْهُ وَيَضُرُّ فِي غَيْرِهِ وَمُعْتَمَدُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إنْ طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>