للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فَصَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (لِلنَّفْسِ، وَالْعِرْسِ وَكُلِّ مَنْ ذَكَرَ) بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ، وَالْفِطْرَةُ عِبَادَةٌ مَشْرُوطَةٌ بِالْيَسَارِ فَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ

(وَتَلْزَمُ) الْفِطْرَةُ الزَّوْجَةَ (الْحُرَّةَ غَيْرَ الْمُعْدَمَهْ) أَيْ الْمُوسِرَةَ إذَا (أَعْسَرَ زَوْجُهَا) ، أَوْ كَانَ عَبْدًا (وَ) تَلْزَمُ (سَيِّدُ الْأَمَهْ) إذَا كَانَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا تَلْزَمُ الْحُرَّةَ لِكَمَالِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَسْتَخْدِمَهَا لَكِنْ يُسَنُّ لِلْحُرَّةِ أَنْ تُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلِتَطْهِيرِهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ.

وَالتَّصْرِيحُ بِيَسَارِهَا وَبِإِعْسَارِ الزَّوْجِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَوْ زَادَ الثَّانِيَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَسَيِّدُ الْأَمَةِ كَانَ أَوْلَى

(وَبِيعَ) وُجُوبًا (جَزْءُ عَبْدِهِ لِفِطْرَتِهْ) أَيْ لِفِطْرَةِ عَبْدِهِ (إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُهُ لِخِدْمَتِهْ) وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُؤَدِّي مِنْهُ كَمَا فِي الدَّيْنِ فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فَلَا لِلضَّرَرِ وَبَنَى بِيعَ لِلْمَفْعُولِ لِيَعُمَّ بَيْعَ الْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَبَيْعَ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَالِكِ الْمُكَلَّفِ (قُلْت وَلَوْ كَانَ) الْعَبْدُ (نَفِيسًا) يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ بَدَلِهِ بِالْبَاقِي عَنْ الْفِطْرَةِ وَكَانَ (يُؤْلَفُ فَفِيهِ بَحْثٌ فِي الظِّهَارِ يُعْرَفُ) أَيْ يُعْرَفُ مِنْ بَحْثٍ لِلرَّافِعِيِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَهُوَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيْعُهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ عَنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَالرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ النَّاظِمُ: وَفِيهِ بَحْثٌ بِالْوَاوِ لِيَكُونَ جَوَابُ لَوْ مَعْلُومًا مِمَّا قَبْلَهَا لَوَافَقَ الْفَرْقَ

. (بَابُ الصِّيَامِ) هُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: ٢٦] أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عَنْ الْكَلَامِ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:

خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا

وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] وَخَبَرُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ صَائِمٌ وَنِيَّةٌ وَإِمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَقَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ (يَثْبُتُ شَهْرُ رَمَضَانَ) لِلصَّوْمِ (بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ) إمَّا (بِاسْتِكْمَالِ شَعْبَانَ الْعَدَدِ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ (هِلَالَ الشَّهْرِ) الْمَذْكُورِ «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَقَدْ سَلِمَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَتُهَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِاعْتِبَارِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَاجُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِي الَّذِي يَحْتَاجُهُ إذَا كَانَ نَفِيسًا مَا لَوْ قَالَ: وَأَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ لَائِقًا فَيُبَاعُ وَيُخْرِجُ مِنْ الْفَاضِلِ فِطْرَةَ الْعَبْدِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَبْدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ الْفَرْقُ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ: النَّاظِمُ فِيهِ بَحْثٌ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: ذَلِكَ لَكَانَ جَوَابُ لَوْ الْمَعْلُومُ خَاصًّا بِاَلَّذِي لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنْ قُلْت مَعَ التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ أَيْضًا لَا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ قُلْت لَكِنَّ الْعِبَارَةَ حِينَئِذٍ صَالِحَةٌ لِلْحَمْلِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ سم (قَوْلُهُ: جَرَيَانُهُ فِي الْحَجِّ) أَيْ وَمِثْلُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ

(بَابُ الصِّيَامِ) (قَوْلُهُ: خَيْلٌ صِيَامٌ) أَيْ وَاقِفَةٌ مُمْسِكَةٌ عَنْ الْقِتَالِ وَلَمْ تُلْجَمْ بَعْدَ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ أَيْ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَأُخْرَى إلَخْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَجَاجِ) يَنْبَغِي أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ شَهْرُ رَمَضَانَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ فَلَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ أَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: لِلصَّوْمِ) لَا لِنَحْوِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهِ نَعَمْ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ يَثْبُتُ بِهِ غَيْرُ الصَّوْمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثِينَ يَوْمًا) بَيَانٌ لِلْعَدَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ وَهُوَ أَيْ الْمُؤَدِّي كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْمُتَحَمِّلِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ لَا الضَّامِنُ وَإِنْ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ أَجْزَأَ كَالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا يَأْتِي أَنَّ الْحُرَّةَ الْغَنِيَّةَ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا لَا يَلْزَمُهَا فِطْرَتُهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ تَحَوَّلَ إلَى ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَهُوَ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ إذَا أَعْسَرَ لَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ كَالضَّمَانِ لَزِمَتْهَا وَإِعْسَارُ الزَّوْجِ لَا يُنَافِي تَحَمُّلَهُ إذْ لَوْ لَمْ يَتَحَمَّلْ لَزِمَتْهَا قَطْعًا وَإِنَّمَا أَجْزَأَ أَدَاءُ الْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَحَمِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ لَمَّا نَوَى اُغْتُفِرَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَعَلَى الْحَوَالَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَدِّي أَنْ يَنْوِيَ الْإِخْرَاجَ عَنْ الْمُؤَدَّى عَنْهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَنْوِيَ إخْرَاجَ مَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا تَجِبُ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ دُونَ تَعْيِينِهَا نَعَمْ إنْ صَرَفَ النِّيَّةَ لِغَيْرِهِ انْصَرَفَتْ

(قَوْلُهُ: قُلْت وَلَوْ كَانَ نَفِيسًا إلَخْ) أَيْ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَدَلَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَاجِ إلَيْهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لَكِنْ كَانَ نَفِيسًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ بَدَلِهِ إذْ لَا حَاجَةَ لِهَذَا فِي غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَفِيهِ بَحْثٌ إلَخْ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ إلَخْ صَحِيحٌ أَيْضًا فَيَكُونُ الْجَوَابُ مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ مَعَ إلْغَاءِ حَيْثُ كَانَ الْكَلَامُ فِي الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِيَنْدَفِعَ جَمِيعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ) أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ

[بَابُ الصِّيَامِ]

(بَابُ الصِّيَامِ) (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ الْعَدْلِ) يَشْمَلُ ذَلِكَ مَا لَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَمَرَ غَابَ

<<  <  ج: ص:  >  >>