للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْوَكِيلِ قَطْعًا وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ غَيْرُهُ فَتَعْلِيلُهُمْ قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ اهـ. (وَلَا رُجُوعَ) لَهُ بِهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَّا أَنْ يُنْسَبَ الْمُوَكِّلُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ اهـ.

وَكَالْعَفْوِ فِيمَا ذُكِرَ عَزْلُ الْوَكِيلِ

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ فَقَالَ (الْأَقْوَى) هُوَ تَابِعٌ لِقَوْلِهِ وَمَا سِوَى الشَّرْطِ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ الْأَقْوَى مِنْ الْفِعْلَيْنِ الْمُزْهِقِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ (كَأَنْ يَحُزَّ الشَّخْصُ مَجْرُوحًا وُجِدْ فِيهِ حَيَاةٌ اسْتَقَرَّتْ) بِأَنْ يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ وَإِدْرَاكٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارِيَّاتٍ يُوجِبُ (الْقَوَدْ) فَالْقَوَدُ فِي هَذِهِ عَلَى الْحَازِّ دُونَ الْجَارِحِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا يَقْتَضِيهِ جُرْحُهُ فَلَوْ انْتَهَى بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِأَنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ إمَّا بِسِرَايَةِ الْجُرْحِ، أَوْ بِكَوْنِهِ مُذَفِّفًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْجَارِحِ دُونَ الْحَازِّ لِانْتِهَائِهِ إلَى حَالَةِ الْيَأْسِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا إسْلَامُهُ وَلَا رِدَّتُهُ وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ مَاتَ لَهُ فِيهَا قَرِيبٌ لَمْ يَرِثْهُ وَعَلَى الْحَازِّ التَّعْزِيرُ وَلَوْ شَكَّ فِي انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَقْوَى فَهُمَا قَاتِلَانِ كَأَنْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ إنْسَانٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا يَدَهُ، وَالْآخَرُ رِجْلَهُ، أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ أَجَافَهُ أَحَدُهُمَا جَائِفَةً، وَالْآخَرُ جَائِفَةً، أَوْ أَكْثَرُ وَمَاتَ سِرَايَةً هَذَا كُلُّهُ إذَا تَعَاقَبَ الْفِعْلَانِ فَإِنْ وُجِدَا مَعًا فَهُمَا قَاتِلَانِ سَوَاءٌ كَانَا مُذَفِّفَيْنِ كَحَزٍّ وَقَدٍّ أَمَّ لَا كَإِجَافَتَيْنِ وَقَطْعِ عُضْوَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْقَاتِلَ صَاحِبُ الْمُدَفِّفِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وَفِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِي إلَى الْقَتْلِ بِحَبْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ

(وَ) يُوجِبُ مَا سِوَى الشَّرْطِ (بَدَلًا) وَهُوَ الدِّيَةُ (عَنْ قَوَدٍ إنْ نَفَقَا جَانٍ) أَيْ: مَاتَ لِتَعَذُّرِ الْقَوَدِ وَفِي مَعْنَى الْمَوْتِ سُقُوطُ الطَّرَفِ الَّذِي فِيهِ الْقَوَدُ (كَأَنْ عَفَا بِهِ) أَيْ: كَمَا يُوجِبُ ذَلِكَ بَدَلَ الْقَوَدِ بِالْعَفْوِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا لَا هُوَ، أَوْ الدِّيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الرُّبَيِّعِ «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» وَقَوْلُهُ: «مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ؛، وَلِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ فَتَعَيَّنَ جِنْسُهُ كَالْمُتْلَفَاتِ الْمِثْلِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا هِيَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ قَتَلَتْ رَجُلًا لَزِمَهَا دِيَةُ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَوَدِ لَزِمَهَا دِيَةُ الْمَرْأَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ وَهُوَ الْوَجْهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: لَوْ قَتَلَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ، أَوْ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فَهَلْ نَقُولُ: الْوَاجِبُ الدِّيَةُ عَيْنًا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ، أَوْ هُوَ كَغَيْرِهِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا عَلَى الْمُرَجَّحِ وَيُعْدَلُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ وَشَرَفُ الدِّينِ مُسْقِطٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قُلْت قَدْ تَعَرَّضُوا لَهُ كَمَا حَكَاهُ الْإِمَامُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مِنْ حَشْوِ الْكَلَامِ، وَالْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ فَقَدْ وَافَقَ ابْنُ النَّقِيبِ فِيمَا تَرَدَّدَ فِيهِ وَبَحَثَهُ مَنْقُولُ الْإِمَامِ، وَبَحْثُهُ وَلَوْ عَفَا بِبَعْضِ الْبَدَلِ كَنِصْفِهِ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقَوَدُ وَلَوْ عَفَا بِغَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِرِضَا الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ وَلَيْسَ كَالصُّلْحِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ حَيْثُ يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ قَدْ رَضِيَ، وَالْتَزَمَ فَرَجَعْنَا إلَى بَدَلِ الدَّمِ (لَا) إنْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ (مُطْلَقَا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَدَلِ بِأَنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنْ سَقَطَ الْقَوَدُ إذْ الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا لَا هُوَ أَوْ الدِّيَةُ كَمَا مَرَّ، وَالْعَفْوُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ، وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَفْوِ بِبَدَلٍ فَلَوْ اخْتَارَ الْبَدَلَ بَعْدَ الْعَفْوِ مُطْلَقًا فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ يَثْبُتُ وَيَكُونُ كَالْعَفْوِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالْأَرْجَحُ أَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَجْهِيزُهُ وَدَفْنُهُ وَلَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ إذَا كَانَ حَيَوَانًا غَيْرَ آدَمِيٍّ وَسَمَكٍ وَجَرَادٍ إذْ لَمْ يَجِبْ حَقِيقَةً بَلْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) فَإِنْ فُقِدُوا فَيُحْتَمَلُ الْعَمَلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَا مَعًا) يَتَفَاوَتُ الْحَالَانِ فِي الْمُذَفِّفَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَاتِلَانِ فِي الْمَعِيَّةِ، وَالْقَاتِلُ أَوَّلُهُمَا فِي التَّرْتِيبِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَحَثَهُ) بِقَوْلِهِ:، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا وَبَحَثَهُ أَيْ: بِقَوْلِهِ: وَالْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الْبَدَلَ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُ ثَابِتٍ) الَّذِي هُوَ الْقَوَدُ وَقَوْلُهُ: لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ مَحْمُولَةٌ إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعَ تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ ع ش

[بَيَانِ مُوجِبِ الْقَوَدِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ]

(قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالْمَجْرُوحِ بِخِلَافِ مَرِيضٍ انْتَهَى فِي النَّزْعِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ وَقَدْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَعِيشُ بِخِلَافِ مَنْ انْتَهَى بِسَبَبِ الْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ إنَّ الْمَرِيضَ الْمُنْتَهِيَ إلَى مَا ذُكِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَيْضًا إسْلَامٌ وَلَا رِدَّةٌ اهـ.

شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: لَزِمَهَا دِيَةُ الرَّجُلِ) أَيْ اتِّفَاقًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا إلَخْ) مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>