للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِلْقَاءَ وَجْهِهِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَيَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. وَيُسَنُّ لِمَنْ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَا يَطْلُبُهُ فَإِذَا قَصَدَهُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» اللَّهُمَّ وَإِنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا اللَّهُمَّ فَافْعَلْ وَأَنْ يَشْرَبَ مِنْ نَبِيذِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ مَا لَمْ يُسْكِرْ وَأَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ حَافِيًا مَا لَمْ يُؤْذِ أَوْ يَتَأَذَّ بِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَيَدْعُوَ فِي جَوَانِبِهِ وَأَنْ يَزُورَ الْمَوَاضِعَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ وَأَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ وَأَنْ يَزُورَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ حَجِّهِ.

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ: الْمُحَرَّمَاتِ بِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْأَخْبَارُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافِ إلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الْخَبَرِ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَأُجِيبُ بِمَا لَا يَلْبَسُ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يَلْبَسُ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا وَمَحْظُورَاتُ الْإِحْرَامِ اللُّبْسُ التَّطْيِيبُ وَدَهْنُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَإِبَانَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَالتَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ) وَلَوْ مُطْلَقًا (قُفَّازَانِ) أَوْ أَحَدُهُمَا (لُبْسًا عَلَى الْإِنَاثِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ.

(وَ) عَلَى (الذُّكْرَانِ) الْخُفَّيْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْقُفَّازُ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ أَزْرَارٌ يُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا وَخَرَجَ بِهِ الْكُمُّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُ يَدَيْهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَكَذَا سَتْرُهُمَا بِخِرْقَةٍ وَإِنْ شُدَّتْ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ حُرْمَةِ الْقُفَّازِ عَلَيْهَا كَوْنُهُ مَلْبُوسَ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ كَخُفِّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةِ لِحْيَتِهِ (وَامْرَأَةٍ) أَيْ: وَيَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَوْ أَمَةً (سُتْرَةُ بَعْضِ وَجْهِهَا بِلَاصِقٍ) بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ» نَعَمْ تَسْتُرُ مِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَتْرِهِ سَتْرُ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّ شِعَارَ الْإِحْرَامِ يَحْصُلُ بِكَشْفِ مَا عَدَاهُ وَلِأَنَّ رَأْسَهَا عَوْرَةٌ

ــ

[حاشية العبادي]

فَصْلٌ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) .

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَا لَا يُلْبَسُ مَحْصُورٌ. (قَوْلُهُ: صَرِيحًا بَلْ طَابَقَهُ ضِمْنًا) يَنْبَغِي أَوْ لَمْ يُطَابِقْهُ مُطْلَقًا وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْهُ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] . (قَوْلُهُ: بِلَاصِقٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الرَّجُلِ بِرّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَسْتُرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَسَتَرَ مِنْ الْوَجْهِ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الرَّأْسِ وَاجِبٌ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً وَلَا يُمْكِنُ سَتْرُهُ إلَّا بِذَلِكَ اهـ. وَظَاهِرُهَا وُجُوبُ سَتْرِ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَعَلَيْهِ فَيَخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِالْحُرَّةِ فَلَا يَجِبُ فِي الْأَمَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ رَأْسَهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ وَهَذَا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ الْآتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

زَمْزَمَ) عَلَمٌ مُرْتَجَلٌ وَقِيلَ مِنْ زَمْزَمَ إذَا كَثُرَ لِكَثْرَةِ مَائِهَا أَوْ ضُمَّ لِضَمِّ هَاجَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِمَائِهَا حِينَ انْفَجَرَتْ أَوْ تَكَلَّمَ لِزَمْزَمَةِ جِبْرِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَلَامِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي بِئْرِهَا وَيُكَبِّرَ ثَلَاثًا. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ النَّظَرَ فِيهَا عِبَادَةٌ تَحُطُّ الْأَوْزَارَ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا لِلتَّبَرُّكِ وَالِاسْتِشْفَاءِ. (قَوْلُهُ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَزُورَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِي الْمَجْمُوعِ يَحْرُمُ الطَّوَافُ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ إلْصَاقُ بَطْنِهِ أَوْ ظَهْرِهِ بِجِدَارِهِ وَمَسُّهُ بِيَدِهِ وَتَقْبِيلُهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمُخَالَفَةِ كَثِيرِينَ مِنْ الْعَوَامّ اهـ مِنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ. (فَرْعٌ) يُسَنُّ زِيَارَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَبْرِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِحَدِيثٍ سَنَدُهُ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ مِنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

(فَصْلٌ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) .

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ) فَالْجَوَابُ بِهِ هُوَ الْمُفِيدُ. اهـ. شَرْحُ عب. (قَوْلُهُ بِالْإِحْرَامِ) وَلَوْ فَاسِدًا وَلَا يُقَالُ أَلْفَاظُ الْعِبَادَاتِ إذَا أُطْلِقَتْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ لِلصَّحِيحِ لِأَنَّ إلْحَاقَهُمْ هُنَا الْفَاسِدَ بِالصَّحِيحِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَخْرَجَ النُّسُكَ عَنْ الْقَاعِدَةِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ) أَيْ: الْكَفَّيْنِ أَمَّا مَا يُعْمَلُ لِلسَّاعِدَيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مَلْبُوسُ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَأَشْبَهَ خُفَّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةَ لِحْيَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ عَلَى قَوْلٍ. اهـ. شَرْحُ عب لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ تَسْتُرُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حِينَئِذٍ لَكِنَّهُ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ الصُّغْرَى مَطْلُوبٌ حَتَّى فِي الْخَلْوَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِخِلَافِ الْكُبْرَى فَإِنَّ سَتْرَهَا فِيهَا وَاجِبٌ إلَّا لِحَاجَةٍ. اهـ. م ر سم.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ قَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>