للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَهْمَا يَجِبْ إنْفَاقُهُ) عَلَى السَّيِّدِ لِزَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (فِي فَوْرِهِ) أَيْ فِي حَالِ الْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ مِنْ الرَّقِيقِ لِتَضَرُّرِ سَيِّدِهِ بِالْإِنْفَاقِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَنْ لَيْسَ بَعْضًا لِلسَّيِّدِ وَبِبَعْضِهِ الَّذِي لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (كَلِلصَّبِيِّ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقْبَلَ لَهُ وَلِيُّهُ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ إلَّا بَعْضَهُ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالًا وَقَبُولُهُ لَهُ وَاجِبٌ.

فَإِنْ أَبَى قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ أَبَى فَلِلصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَبُولُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَلْيَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يَكُونَ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا وَيَكُونُ كَالْهِبَةِ بِالْكِتَابَةِ (وَ) كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقْبَلَ الرَّقِيقُ أَوْ الْوَلِيُّ وَصِيَّةً وَهِبَةً (جُزْءُ بَعْضٍ) لِلسَّيِّدِ أَوْ الطِّفْلِ إلَّا أَنْ تَجِبَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ حَالًا (لَا) جُزْءُ بَعْضٍ (لِطِفْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَلِيِّ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَلَا هِبَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ حَالًا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ سَرَى) أَيْ الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ لِمَحْذُورِ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ جُزْءِ بَعْضِ السَّيِّدِ يَصِحُّ قَبُولُهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عِتْقَهُ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِيهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْكِتَابَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ ثَمَّةَ لَكِنَّهُ جَزَمَ فِي حَاوِيهِ هُنَا بِالسِّرَايَةِ أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ وَاسْتَشْكَلَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ يَنْبَغِي الْمَنْعُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسِّرَايَةِ فَرَّقَ بَيْنَ صِحَّةِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْ الرَّقِيقِ وَعَدَمِهَا مِنْ الْوَلِيِّ بِأَنَّ مَا يَقْبَلُهُ الرَّقِيقُ يَتَعَيَّنُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ فَقَبُولُهُ كَقَبُولِهِ بِخِلَافِ مَا يَقْبَلُهُ الْوَلِيُّ لِجَوَازِ قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ مُوَلِّيهِ إلَّا فِيمَا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ.

وَهَذَا الْفَرْقُ يُشْكِلُ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَتَضَرَّرُ بِكُلٍّ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَغَرَامَةِ السِّرَايَةِ فَلِمَ جَعَلَ الْأَوَّلَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ دُونَ الثَّانِي وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَشَقُّ لِتَكَرُّرِ النَّفَقَةِ وَبِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي كَمَالَ الْحُرِّيَّةِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهَا الشَّارِعُ (وَهُوَ) أَيْ مَا كَسَبَهُ الرَّقِيقُ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ وَمَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ أَوْ وُهِبَ مِنْهُ مِلْكٌ (لِسَيِّدٍ وَمَا الرَّدَّ) لَهُ (نَرَى) أَيْ وَلَا نَرَى لَهُ رَدَّهُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا (كَالصَّيْدِ) الَّذِي صَادَهُ الرَّقِيقُ يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ (لَا النِّكَاحِ، وَالشِّرَا) أَيْ لَا نِكَاحُ الرَّقِيقِ وَلَا شِرَاؤُهُ (وَلَا ضَمَانِهِ حَيْثُ عَنْ الْإِذْنِ خَلَا) كُلٌّ مِنْهُمَا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ أَمَّا النِّكَاحُ فَلِخَبَرِ «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» أَيْ زَانٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَأَمَّا الشِّرَاءُ فَلِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ فَإِمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْمِلْكَ لَهُ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ أَوْ لِسَيِّدِهِ بِعِوَضٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْضَهُ أَوْ عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ لَا يَحْصُلُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ فَأَشْبَهَ السَّفِيهَ وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالنِّكَاحِ.

وَنَسَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى الْجُمْهُورِ صِحَّةَ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الذِّمَّةَ وَلَا حَجْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالضَّمَانِ.

(فَصْلٌ فِي)

بَيَانِ (التَّحَالُفِ) الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا (إنْ وَارِثٌ) لِمَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فِي الْحَالِ) لِإِعْسَارِهِ أَوْ اكْتِسَابِ الْعَتِيقِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ) ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّفِيهِ (قَوْلُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ وَاجِبٌ) شَامِلٌ لِقَبُولِهِ بَعْضَهُ الَّذِي لَا يَجِبُ إنْفَاقُهُ فَوْرًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ مَصْلَحَةَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى قَبِلَ) أَيْ وَأَثِمَ (قَوْلُهُ وَلِيَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي قَبُولِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ سَرَى) بِأَنْ كَانَ الْفَرْعُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ يَصِحُّ قَبُولُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَحْصُلُ. . . إلَخْ) هَلْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ دَيْنَ التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ دُونَ ذِمَّةِ السَّيِّدِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَالُ التِّجَارَةِ وَلَا كَسْبٌ فَقَدْ حَصَلَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ وَهُوَ مَا اشْتَرَاهُ الرَّقِيقُ لِلسَّيِّدِ وَلَمْ يَلْزَمْ الثَّمَنُ إلَّا ذِمَّةَ الْعَبْدِ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّحَالُفِ)

(قَوْلُهُ: إنْ وَارِثٌ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ وَافَقَ وَاحِدٌ وَخَالَفَ الْآخَرُ هَلْ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُخَالِفِ، وَالْآخَرِ أَوْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْ: إذَا رَدَّ الْبَعْضُ وَأَجَازَ الْبَعْضُ هَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ لَا يَنْفَسِخُ فِي شَيْءٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ فَلَا تَحَالُفَ وَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ جَرَى التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُنْكِرِ، وَالْعَاقِدِ وَنُوزِعَ فِي هَذَا التَّخْرِيجِ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ بِالتَّحَالُفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قُلْتُ وَهَلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلسَّيِّدِ لَا لِلرَّقِيقِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الذِّمَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَلَّقُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا حَجْرَ عَلَى ذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ احْتِكَامٌ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ عَبِيدِهِمْ وَلَا يَمْلِكُونَ إلْزَامَ ذِمَمِهِمْ مَآلًا حَتَّى لَوْ أَجْبَرَهُ عَلَى الضَّمَانِ لَمْ يَصِحَّ، وَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ شِرَاهُ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ السَّيِّدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْهُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّحَالُفِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا]

(فَصْلٌ)

(قَوْلُهُ: إنْ وَارِثٌ) أَيْ: وَالْعَاقِدُ الْآخَرُ، أَوْ نَائِبُهُ أَوْ وَارِثُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>