للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَزِمَتْهُمْ لِتَلَبُّسِهِمْ بِالْفَرْضِ.

(وَاسْتُثْنِيَ) مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرُّ الذَّكَرُ (الْمَعْذُورُ) بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَلِمَشَقَّةِ حُضُورِهِ (إلَّا إنْ حَضَرْ) فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، فَتَلْزَمُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي حَقِّهِ مَشَقَّةُ الْحُضُورِ، فَإِذَا تَحَمَّلَهَا وَحَضَرَ، فَقَدْ ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَتَعَبُ الْعَوْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ صَلَّى الْجُمُعَةَ أَمْ الظُّهْرَ، فَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إذَا حَضَرَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَذَا إذَا حَضَرَ فِيهِ وَزَادَ ضَرَرُهُ، فَلَهُ الِانْصِرَافُ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِهَا كَمَا فِي الْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْمُشْكِلِ، بَلْ مَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَاسْتَحْسَنَّاهُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ لُزُومَهَا أَيْضًا، وَإِنْ حَضَرَ قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ (مَهْمَا) أَصْلُهَا مَا الشَّرْطِيَّةُ ضُمَّتْ إلَيْهَا مَا الْمَزِيدَةُ لِلتَّأْكِيدِ قُلِبَتْ أَلِفُهَا هَاءً اسْتِثْقَالًا لِلتَّكْرِيرِ أَيْ إنَّمَا تَلْزَمُ الْجُمُعَةُ مَنْ ذُكِرَ أَنْ (يَقُمْ) إقَامَةً تَمْنَعُ حُكْمَ السَّفَرِ (حَيْثُ تُقَامُ) الْجُمُعَةُ مِنْ بَلَدٍ، أَوْ قَرْيَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْ بِهَا، فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ، وَلَا الْمُقِيمَ حَيْثُ لَا تُقَامُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَهُ النِّدَاءُ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَمَا قَالَ: (أَوْ) حَيْثُ لَا تُقَامُ لَكِنَّ (نَدًّا) الْجُمُعَةِ (يَبْلُغُهُ مِنْ صَيِّتٍ) أَيْ: عَالِي الصَّوْتِ يُؤَذِّنُ عَلَى عَادَتِهِ.

(إذَا هَدَا) أَيْ: سَكَنَ (رِيحٌ وَصَوْتٌ لَوْ فَرَضْنَاهُ وَقَفْ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْعَدَدُ مُتَيَسِّرٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الظُّهْرُ مَعَ إمْكَانِ الْجُمُعَةِ بَحَثَ ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ، وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَتُتَدَارَكُ بِهِ) أَيْ: إذَا، فَاتَتْ

[شُرُوطِ لُزُومِ الْجُمُعَةَ]

(قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ الْمَعْذُورُ إلَخْ.) لَوْ اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ مَرْضَى فِي مَحَلٍّ، وَشَقَّ عَلَيْهِمْ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، أَوْ أَرْبَعُونَ فِي الْحَبْسِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ حُضُورِهَا، وَأَمْكَنَهُمْ إقَامَتُهَا، بِمَحَلِّهِمْ، فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومهَا لَهُمْ لِجَوَازِ التَّعَدُّدِ مَعَ الْعُسْرِ، وَعَلَى هَذَا، فَهَلْ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِعْلُهَا مَعَهُمْ الْوَجْهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا جُمُعَةٌ صَحِيحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ، فَلِكُلِّ أَحَدٍ حُضُورُهَا وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا إنَّمَا جَازَتْ لِلْمَذْكُورِينَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ إلَخْ.) (فَرْعٌ)

لَوْ حَضَرَ إلَى الْجُمُعَةِ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ النِّدَاءَ فِي بَلْدَةٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:، فَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقُمْ الصَّلَاةُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَفْحُشَ ضَرَرُهُ كَإِسْهَالٍ بِهِ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ، فَحَضَرَ ثُمَّ أَحَسَّ بِهِ بَلْ لَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَهُ لَهُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي الصَّلَاةِ لَوْ مَكَثَ، فَلَهُ الِانْصِرَافُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْذُورَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنَّمَا حَضَرَ مُتَبَرِّعًا، فَجَازَ لَهُ الِانْصِرَافُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ، فَلَزِمَهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. اهـ.

، فَلْيُتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ)

غَيْرُ الْمَعْذُورِ إذَا تَوَقَّفَ إدْرَاكُهُ الْجُمُعَةَ عَلَى سَعْيِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، بِهَا، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، فَهُوَ كَالْمَحْبُوسِ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: سَفَرًا مُبَاحًا، وَلَوْ قَصِيرًا، نَعَمْ إنْ خَرَجَ إلَى قَرْيَةٍ يَبْلُغُ أَهْلَهَا نِدَاءُ بَلْدَةٍ لَزِمَتْهُ، بِالْبَلْدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ يَجِبُ قَطْعُهَا لِلْجُمُعَةِ، فَلَا تُعَدُّ سَفَرًا مُسْقِطًا لَهَا كَمَا لَوْ كَانَ، بِالْبَلْدَةِ، وَدَارُهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْجَامِعِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. اهـ.، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ مِنْهُ م ر، فَإِنْ حَصَلَ ضَرَرٌ، بِالْمَجِيءِ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى تَخْتَصُّ، بِالْبَعِيدِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تَلْزَمُ الْمُسَافِرَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَكِنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ، وَلِلْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِلْعَجُوزِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا، وَلِلْخُنْثَى، وَالصَّبِيِّ إنْ أَمْكَنَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَوْ فَرَضْنَاهُ) هَذَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ السَّمَاعُ، بِالْفِعْلِ كَمَا لَا يَخْفَى

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ تَلْزَمُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَكِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ، فَيَقْضِيهَا وُجُوبًا ظُهْرًا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ فَالْمُرَادُ بِاللُّزُومِ فِي حَقِّهِ لُزُومُ انْعِقَادِ السَّبَبِ حَتَّى يَجِبَ الْقَضَاءُ، وَقِيلَ: إنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَمَعْنَى عَدَمِ اللُّزُومِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ عَدَمُ مُطَالَبَتِنَا لَهُ بِهَا الْآنَ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَإِذَا قِيلَ: بَعْدَ اللُّزُومِ الْآنَ حَقِيقَةً فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَزِدْ إلَخْ.) ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الِانْصِرَافُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ) فَلَوْ انْصَرَفَ أَثِمَ، وَلَا عَوْدَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَخْ.) أَيْ: فَيُجْعَلُ مُكْثُهُ بِالْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ السَّعْيِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ، وَالسَّعْيُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ، وَاجِبٌ فَالْمُكْثُ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَذَلِكَ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَلْزَمْهُ، وَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِحُضُورِهِ كَانَ لَهُ الِانْصِرَافُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَلَمَّا لَزِمَتْهُ لَزِمَهُ مَا تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ طَنْدَتَائِيٌّ، وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَقُمْ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النِّدَاءُ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُقَابِلَةُ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إلَّا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمُقِيمِ الْمَذْكُورِ دُونَ الْمُسَافِرِ إذْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ نَعَمْ إنْ سَمِعَهُ مِنْ بَلَدِهِ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُسَافِرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ إلَخْ.) أَيْ: أَوْ أَقَامَ أَيْ: انْقَطَعَ سَفَرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ مَوْضِعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ سم، وَهُوَ مُخَالِفٌ فِي عَدَمِ الْتِزَامِ الْمَوْضِعِ لِلرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: يَبْلُغُهُ) ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ الْعُرْفُ أَيْ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا بَلَغَهُ نِدَاءُ جُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ كَلِمَاتُهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ) أَيْ تَجِبُ فِيهِ، وَتَنْعَقِدُ بِأَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>