كَغَيْرِهِ مَنْعُ صَرْفِ جَمِيعِ الْفَاضِلِ لِإِصْلَاحِ مَا ذُكِرَ وَإِنْ صَرَفَهُ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ.
فَقَالَ: الَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرِجَالِهِمْ حَتَّى لَا يُصْرَفَ مِنْهُ لِلذَّرَارِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ إلَى الْمُرْتَزِقَةِ عَنْ كِفَايَةِ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ (فَرْعٌ)
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْأَمْرِ إسْقَاطَ بَعْضِهِمْ بِسَبَبٍ جَازَ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ بَعْضُهُمْ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ الدِّيوَانِ جَازَ إنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا مُكْتَفِيًا عَنْ ذِكْرِ لَفْظِهَا بِتَعْرِيفِهَا فَقَالَ (وَمَا) شَرْطِيَّةٌ (بِإِيجَافِ الْخُيُولِ) صِلَةُ (يَحْصُلْ) وَهُوَ مَجْزُومٌ بِمَا لَكِنْ كَسْرُهُ لِلرَّوِيِّ (لِمُسْلِمٍ أَزَالَ مَنْعَ مُقْبِلٍ فِي الْحَرْبِ) خَبَرُ مَا يَصْحَبُ الْآتِي الْمُسَمَّى بِالسَّلَبِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ مَا يَحْصُلُ أَيْ وَمَا يَحْصُلُ لَنَا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِإِيجَافِ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلِمُسْلِمٍ أَزَالَ مَنْعَ حَرْبِيٍّ مُقْبِلٍ عَلَى الْقِتَالِ فِي الْحَرْبِ مِنْهُ مَا صَحِبَهُ الْحَرْبِيُّ مَعَهُ مِمَّا سَيَأْتِي وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا رَقِيقًا أَوْ أُنْثَى أَوْ صَغِيرًا سَوَاءٌ شَرَطَهُ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ قِتَالُ الْحَرْبِيِّ مَعَهُ أَمْ مَعَ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ ثَابِتٌ فِي مُسْلِمٍ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَسْلُوبٌ مِنْ يَدِ الْحَرْبِيِّ وَطَمَعُ الْقَاتِلِ يَمْتَدُّ إلَيْهِ غَالِبًا وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَلَا سَلَبَ لَهُ وَإِنْ قَاتَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَبِمَا بَعْدَهُ مُسْلِمٌ لَمْ يَزُلْ مِنْ الْحَرْبِيِّ مَنَعَهُ كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ أَوْ أَزَالَ مَنَعَهُ وَلَيْسَ مُقْبِلًا فِي الْحَرْبِ بِأَنْ قَتَلَهُ فِيهَا غَافِلًا كَمَا سَيَأْتِي أَوْ فِي غَيْرِهَا كَالْمُنْهَزِمِ بِانْهِزَامِ جَيْشِهِ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِ بِالِانْهِزَامِ بِخِلَافِ الْمُنْهَزِمِ فِي الْحَرْبِ كَأَنْ تَقَاتَلَا زَمَنًا ثُمَّ هَرَبَ فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُ فِي إدْبَارِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُقْبِلًا عَلَى الْقِتَالِ اشْتِغَالَهُ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ بَلْ أَنْ يَقْتُلَهُ مُقْبِلًا أَوْ مُدْبِرًا مَعَ قِيَامِ الْحَرْبِ. وَلَا سَلَبَ لِلْمُخْذِلِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ لَا الَّذِي خَذَلَ
(تَنْبِيهٌ)
مِنْ الْغَنِيمَةِ مَا انْهَزَمَ عَنْهُ الْكُفَّارُ قَبْلَ شَهْرِ السِّلَاحِ حِينَ الْتَقَى الصَّفَّانِ وَمَا أُخِذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً وَإِزَالَةُ مَنْعِ الْمُقْبِلِ فِي الْحَرْبِ (مِثْلُ إنْ فَقَا) بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ لِلْوَزْنِ (أَوْ قَلَعَا عَيْنَيْهِ) وَذِكْرُ الْقَلْعِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِفَقْئِهِمَا تَغْوِيرَهُمَا وَإِلَّا فَهُوَ قَلَعَهُمَا فَفِي الصِّحَاحِ فَقَأْتُ عَيْنَهُ بَخْصَتهَا أَيْ قَلَعْتهَا مَعَ شَحْمَتِهَا (أَوْ لِطَرَفَيْهِ قَطَعَا) بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدًا وَرِجْلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ إحْدَاهُمَا وَلَوْ مَعَ قَلْعِهِ عَيْنًا وَاحِدَةً (أَوْ) مِثْلُ (أَسْرِهِ) فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ مَنْ أَسَرَهُ فَلَا سَلَبَ لَهُ إذْ قَدْ كُفِيَ شَرُّهُ بِالْأَسْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَهُ وَاحِدٌ وَمَنَعَهُ الْهَرَبَ وَلَمْ يَضْبِطْهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي السَّلَبِ؛ لِأَنَّ كِفَايَةَ شَرِّهِ إنَّمَا حَصَلَتْ بِهِمَا (لَا) إنْ أَزَالَ مَنْعَ (غَافِلٍ) عَنْ الْقِتَالِ بِنَحْوِ نَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ
(وَ) لَا (إنْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ صَفٍّ) لَنَا (إلَى الْكَافِرِ) فَلَا سَلَبَ لَهُ إذْ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ وَهُوَ مُنْتَفٍ (مَا يَصْحَبُ) بَيَانٌ لِلسَّلَبِ أَيْ لِلْمُسْلِمِ الْمَذْكُورِ مَا يَصْحَبُهُ الْحَرْبِيُّ (مِنْ جَنِيبَةٍ) تَكُونُ (أَمَامَهْ) أَوْ خَلْفَهُ أَوْ جَنْبَهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُقَادُ مَعَهُ لِيَرْكَبَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ الَّتِي يَحْمِلُ عَلَيْهَا أَثْقَالَهُ فَتَقْيِيدُهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ بِكَوْنِهَا أَمَامَهُ جَرَى عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ قَوْدِهَا بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْعَجَمِ فَلَوْ كَانَ مَعَهُ جَنَائِبُ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا وَاحِدَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَلْ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى تَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَقْرَعُ بَيْنَ الْجَنَائِبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِي التَّخْصِيصِ بِجَنِيبَةٍ نَظَرٌ وَإِذَا قِيلَ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الْقَاتِلُ جَنِيبَةً مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ جَنِيبَةُ قَتِيلِهِ فَهَذَا فَهُوَ الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ بِخِلَافِ مَا أَبْدَاهُ الرَّافِعِيُّ وَمَا قَالَهُ الزَّازُ: نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ.
(وَ) مِنْ (زِينَةٍ) كَطَوْقٍ وَسُوَارٍ وَمِنْطَقَةٍ (وَمَرْكَبٍ) أَيْ مَرْكُوبٍ سَوَاءٌ كَانَ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ أَمْ مَاسِكًا بِعَنَانِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ رَاجِلًا بِخِلَافِ الْمُهْرِ التَّابِعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ (وَلَامَهْ) أَيْ دِرْعٍ وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِسِلَاحٍ أَعَمُّ (وَمِنْ ثِيَابٍ وَلِجَامٍ وَأَخَذْ) مِنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا خِلَافَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ صَرْفٌ لَهُمْ عَنْ السُّنَّةِ الْحَاضِرَةِ بِحَيْثُ يَثْبُتُ لَهُمْ الطَّلَبُ فِي الْقَابِلَةِ بِكِفَايَتِهَا
(قَوْلُهُ: فَلِمُسْلِمٍ أَزَالَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِحَذْفِ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُ فِي أَدْبَارِهِ) أَيْ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَحِقُّ السَّلْبَ كَمُخْذِلٍ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْغَرَضُ أَنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِمْ
[بَيَان الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا]
(قَوْلُهُ: بِإِيجَافٍ) أَيْ أَعْدَاءٍ (قَوْلُهُ: كَالْمُنْهَزِمِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ انْهَزَمَ جَيْشُهُ وَلَمْ يَنْهَزِمْ وَقَتَلَهُ فَلَهُ سَلْبُهُ ق ل (قَوْلُهُ: بِانْهِزَامِ جَيْشِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ انْهَزَمَ الْمَقْتُولُ فَقَطْ دُونَهُمْ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ. اهـ. شَيْخُنَا ذ
(قَوْلُهُ: جَنِيبَةٍ) وَلَوْ كَانَ الْمُمْسِكُ لَهُ غَيْرَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَمْ مَاسِكًا بِعَنَانِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْسَكَهُ غَيْرُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنِيبَةِ أَنَّهَا تَابِعَةٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِسِلَاحٍ) شَمِلَ مَا مَعَهُ وَإِنْ زَادَ