للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ بِالنِّيَّةِ وَاسْتَدْرَكَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمِينٌ وَبِهِ قَطَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَوَاهُ وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ مَرْدُودٌ وَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ مِنْ عَدِّ الْعَلِيمِ وَالْحَكِيمِ مِنْ الْغَالِبِ تَبِعَ فِيهِ كَأَصْلِهِ الْغَزَالِيَّ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُمَا مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ وَالْحَلِيمِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يُحْلَفُ بِهِ ذَكَرَ صِيغَةَ الْيَمِينِ فَقَالَ: (كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ) بِاَللَّهِ. (أَوْ حَلَفْتُ بِاَللَّهِ أَوْ أُقْسِمُ) بِاَللَّهِ. (أَوْ أَقْسَمْتُ بِاَللَّهِ) أَوْ آلَيْت بِاَللَّهِ أَوْ أُولِي بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمُضَارِعِ الْوَعْدَ بِالْحَلِفِ وَبِالْمَاضِي الْإِخْبَارَ عَنْ حَلِفٍ مَاضٍ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ حَلَفْت أَوْ أُقْسِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا بِاَللَّهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَرَكَهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَكُونُ الْبَاقِي يَمِينًا لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. (أَوْ) أَحْلِفُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَقْسَمْت أَوْ آلَيْت أَوْ أُولِي. (عَلَيْك بِاَللَّهِ) أَوْ سَأَلْتُك أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (إذَا أَرَادَ عَقْدًا لِيَمِينِهِ بِذَا) أَيْ: إذَا أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَقْدَ الْيَمِينِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَفْسَدَةٌ مِنْ ارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَإِنْ أَرَادَ عَقْدَهَا عَلَى الْمُخَاطَبِ أَوْ الشَّفَاعَةَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَيْسَ يَمِينًا وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ وَإِنْ اقْتَضَى صَرَاحَتَهُ.

قَوْلُهُ: (وَبِسِوَى الصَّرِيحِ) إذْ الْمَعْنَى الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِالصَّرِيحِ كَمَا مَرَّ وَبِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ. (كَاَللَّهِ) أَيْ: كَقَوْلِهِ اللَّهِ بِجَرِّهِ أَوْ نَصْبِهِ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ إسْكَانِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. (وَلَمْ يَقْرِنْ ببا وَ) لَا. (تَا وَ) لَا. (وَاوٍ لِلْقَسَمْ) وَاللَّحْنُ وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرَّفْعِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ فِي ذَلِكَ فَالرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ: اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ وَالْإِسْكَانُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ فَإِنْ قُرِنَ ذَلِكَ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَصَرِيحٌ لِاشْتِهَارِهَا فِي الْقَسَمِ شَرْعًا وَعُرْفًا نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ غَيْرَ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ: أَرَدْت أَوْ وَثِقْت أَوْ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَنَّ فَلَيْسَ يَمِينًا لِاحْتِمَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْأَصْلُ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ، ثُمَّ الْوَاوُ، ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوُ مِنْ الْبَاءِ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَلِفَ وَكَقَوْلِهِ. (بِلَّهِ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا بِحَذْفِ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ حَمْلًا لِحَذْفِ الْأَلِفِ عَلَى اللَّحْنِ أَوْ عَلَى مَا سُمِعَ مِنْ حَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي هَذَا الِاسْمِ الشَّرِيفِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا لَحْنٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ بَلْ هَذِهِ كَلِمَةٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَيْسَ هُوَ لَحْنًا بَلْ لُغَةً حَكَاهَا الزَّجَّاجِيُّ وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَمِينًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا قَالَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَغَيْرَهُ نَافٍ وَكَقَوْلِهِ. (لَعَمْرُ اللَّهِ) أَوْ أَيْمُنُ اللَّهِ أَوْ. (وَأَيْمُ اللَّهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ قَطْعُهَا فِي غَيْرِ كَلَامِ النَّاظِمِ أَوْ. (أَشْهَدُ) بِاَللَّهِ أَوْ شَهِدْت بِاَللَّهِ. (أَوْ أَعْزِمُ بِالْإِلَهِ) أَوْ عَزَمْت بِاَللَّهِ أَوْ عَلَى عَهْدِ اللَّهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَمِينٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ يَمِينًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ فِي الْإِيلَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا ادَّعَى مَا يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ الصِّيغَةِ مِنْ أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ إذْ قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا لَا يُوَافِقُ مَا ادَّعَاهُ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ قَبْلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَرَنَ ذَلِكَ) شَامِلٌ لِرَفْعِهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ يَمِينًا) لَا يُنَافِي ذَلِكَ صَرَاحَتَهُ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَا يُنَافِي قَبُولَهُ الصَّرْفَ. (قَوْلُهُ: وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَسَيَأْتِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ الْمُلَاعِنُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ كَاذِبًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّوْرِيَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا لَا تُؤَثِّرُ التَّوْرِيَةُ حِينَئِذٍ فِي الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَالْكَفَّارَةُ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْإِثْمِ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّوْرِيَةِ قَطْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ تَعَدَّدَتْ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ الْمَاضِي حَلِفٌ وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ. اهـ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَاضِي مُقَارِنٌ لِلْيَمِينِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:

ــ

[حاشية الشربيني]

[صِيغَةَ الْيَمِينِ]

قَوْلُهُ: عَلَيْك بِاَللَّهِ) ، أَمَّا بِدُونِ عَلَيْك فَيَمِينٌ لَا يَأْتِي فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ. اهـ. بِرّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ وَاَللَّهِ تَفْعَلْ كَذَا فَلَا يَفْعَلُ وَيُعْتَذَرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الشَّفَاعَةُ

(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ أَوْلَى) الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَنْ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ إنَّهَا يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَجْهُهُ أَنَّ بِلَّهِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الِاسْمِ الشَّرِيفِ وَبَلَّةِ الرُّطُوبَةِ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ اسْتَقْرَبَ ع ش الِانْعِقَادَ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ. (قَوْلُهُ: لَعَمْرُ اللَّهِ) يُطْلَقُ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَلِذَا كَانَ كِنَايَةً شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَيْمُنُ اللَّهِ) أَوْ أَيْمُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ شَرْحُ الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>