للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْبُوذٌ وَدَعِيٌّ وَهُوَ صَغِيرٌ ضَائِعٌ لَا يُعْلَمُ لَهُ كَافِلٌ وَأَرْكَانُهُ كَأَرْكَانِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: (وَلَقْطُ غَيْرِ بَالِغٍ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (إنْ نُبِذَا) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: أُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوِهِ (فَرْضٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] إذْ بِإِحْيَائِهَا أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ النَّاسِ فَأَحْيَاهُمْ بِالنَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: فَجِئْت بِهِ إلَيْهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ فَقَالَ: وَجَدْتهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتهَا فَقَالَ عَرِيفُهُ وَاسْمُهُ سِنَانٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَكَذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ لَك وَلَاؤُهُ أَيْ: تَرْبِيَتُهُ وَحَضَانَتُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ أَيْ: فِي بَيْتِ الْمَالِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ الْبَالِغِ الْبَالِغُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْحِفْظِ نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَبِالْمَنْبُوذِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ فِي حَضَانَةِ وَلِيِّهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا وَصِيٌّ فَحِفْظُهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي فَيُسَلِّمُهُ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ كَافِلٌ مَعْلُومٌ فَإِذَا فُقِدَ قَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ فَلَا مَعْنَى لِلَقْطِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ وُجِدَ بِمَضْيَعَةٍ وَجَبَ أَخْذُهُ لِيُرَدَّ إلَى حَاضِنِهِ (بِإِشْهَادٍ) أَيْ: مَعَ وُجُوبِ إشْهَادِهِ عَلَى لُقَطَةٍ لَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَفَارَقَ الْإِشْهَادَ فِي اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الْمَالُ وَالْإِشْهَادُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مُسْتَحَبٌّ وَمِنْ اللَّقِيطِ حِفْظُ حُرِّيَّتِهِ وَنَسَبِهِ فَوَجَبَ الْإِشْهَادُ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَيُشْهِدُ عَلَى مَا مَعَهُ أَيْضًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ أَيْ: وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ نَصُّ الْمُخْتَصَرِ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ فَلَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ وَيَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ

(وَحَضْنُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ بِمَعْنَى حِفْظِهِ وَتَرْبِيَتِهِ لَا الْأَعْمَالُ الْمُفَصَّلَةُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْمَشَقَّةِ (كَذَا) أَيْ: فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ اللَّقْطِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهِ لِعَارِضٍ سَلَّمَهُ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ تَبَرَّمَ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَقْطُهُ (لِمُسْلِمٍ) وَلَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٌ (عَدْلٍ) وَلَوْ مَسْتُورًا لَكِنْ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى فَإِذَا وَثِقَ بِهِ صَارَ كَظَاهِرِ الْعَدَالَةِ (بِشَرْطِ الرُّشْدِ) وَالتَّكْلِيفِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْعَدْلِ (حُرٍّ) فَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ لِكَافِرٍ أَيْ: فِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيهِ بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ وَسَيَأْتِي وَلَا لِفَاسِقٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرَ مُؤْتَمَنَيْنِ شَرْعًا وَلِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وِلَايَةٌ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَلَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُبَعَّضٍ وَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ وَلَا لِعَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِرُجُوعِ الْوَاصِفِ إذَا غَرِمَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا فِي أَعْلَى الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ) أَيْ: عَرِيفُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ وُجُوبِ إشْهَادٍ عَلَيْهِ) صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ فِسْقٌ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ عَلَى مَا مَعَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا مَعَهُ بِالْمُلْتَقِطِ بِنَفْسِهِ، أَمَّا مَنْ سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ لَهُ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ لَهُ قَطْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. قُلْت وَلَعَلَّهُ إذَا جَازَ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ وَإِلَّا وَجَبَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وُجُوبًا) أَيْ: تَبَعًا لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْتِقَاطِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ النَّدْبِ فِي اللُّقَطَةِ لِكَوْنِ الْغَرَضِ مِنْهَا الْمَالَ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ انْتِزَاعُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْجَوَازِ عَدَمُ الْوُجُوبِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا نُقِلَ عَنْ السُّبْكِيّ مِنْ أَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ مُفَسِّقٌ وُجُوبَ الِانْتِزَاعِ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمُنْتَزِعُ مِنْهُ وَمِمَّنْ يَأْتِي الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَرَّمَ إلَخْ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَبَرَّمْ وَالتَّقْيِيدُ بِالتَّبَرُّمِ جَرَى عَلَيْهِ الْغَالِبُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ عَدْلٍ) لَكِنْ إنْ أَرَادَ سَفَرًا نُزِعَ مِنْهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اعْتِبَارَ الْبَصَرِ وَعَدَمَ نَحْوِ بَرَصٍ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ يَتَعَاهَدُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْحَاضِنَةِ ح ج

ــ

[حاشية الشربيني]

النَّاشِرِيِّ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ مَا نَصُّهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ كَانَ مَجَّانًا فَإِذَا رَجَعَ الْمَالِكُ انْتَقَضَ وَوَجَبَ الرَّدُّ بِأَمْرِ الشَّارِعِ فَسْخًا لِذَلِكَ التَّمَلُّكِ كَرُجُوعِ الْأَبِ قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُطَالَبَةِ تَقَدُّمُ ثُبُوتِ الضَّمَانِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَلْ بِالْفَسْخِ كَمَا قُلْنَاهُ. اهـ.

وَلَعَلَّهُ يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الضَّمَانِ ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ تَلَفِ الْمِثْلِيِّ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقْتَ ظُهُورِ الْمَالِكِ يَجِبُ الْأَكْثَرُ إذَا فُقِدَ الْمِثْلُ وَقْتَ الظُّهُورِ فَلْيُحَرَّرْ

[بَيَان اللَّقِيطِ]

[أَرْكَانُ اللَّقِيط]

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ انْتِزَاعُهُ) أَيْ: لَا يَمْتَنِعُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ نَزْعُهُ فَإِنْ نَزَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ سَلَّمَهُ لِلْحَاكِمِ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَبْذُهُ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الرُّشْدِ) يُفِيدُ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى لْعَدَالَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ السَّلَامَةُ مِنْ الْفِسْقِ وَالسَّفِيهُ قَدْ لَا يَفْسُقُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَدْلِ السَّلَامَةُ مِنْ الْحَجْرِ. اهـ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ) صِفَةٌ لِلتَّكْلِيفِ. (قَوْلُهُ: الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ تَبَعًا لِلدَّارِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>