بِالتَّنَازُعِ هُوَ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ الَّذِي يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنْ أَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ بِهَا مَنْ شَاءَ وَكَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الرَّافِعِيَّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ وَقَالَ إنَّ الْبَنْدَنِيجِيَّ وَابْنَ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيَّ قَالُوا: إنْ كَانَ فِي الْغَانِمِينَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِلَّا دُفِعَ إلَى مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْخُمُسِ وَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ تُرِكَ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ لَمْ أَجِدْهُ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ بَلْ قَالَ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ إنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا تَنَازَعَ فِيهَا الْغَانِمُونَ وَأَبْدَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ
(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)
أَيْ الزَّكَوَاتِ وَقَرَنَهُ كَالْأَكْثَرِ بِقَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ حُقُوقٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ جَمْعَهَا وَتَفْرِيقَهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] وَأَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَلِلْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشْعَارِ بِإِطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى، وَتَقْيِيدُهُ فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ الصَّرْفُ فِي مَصَارِفِهَا اسْتَرْجَعَ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى عَلَى مَا سَيَأْتِي (إنَّ الزَّكَاةَ) لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ (لِلْفَقِيرِ) وَهُوَ أَحَدُهَا وَالْفَقِيرُ (مَنْ لَا يَقَعُ مَالُهُ) الْحَاضِرُ (وَ) لَا (كَسْبٌ) لَهُ (حَلَا) أَيْ حَلَالٌ (إنْ كَانَ لَائِقًا بِهِ) وَ (لَمْ يَمْنَعْ تَفَقُّهًا) لَهُ (مِنْ حَاجَةٍ) بِالْإِضَافَةِ لِلضَّمِيرِ جَمْعُ حَاجَةٍ أَوْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ (بِمَوْقِعِ) أَيْ لَا يَقَعُ ذَلِكَ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَلَا كَسْبٌ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ أَوْ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ كَثَلَاثَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ يَكُونُ كَسْبُهُ حَرَامًا أَوْ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ التَّفَقُّهُ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيُعْطَى لِيَتَفَرَّغَ لِتَحْصِيلِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَنَعَهُ التَّنَفُّلُ بِالْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فَلَا يُعْطَى بَلْ يَكْتَسِبُ، وَالِاكْتِسَابُ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ قَطْعًا لِلطَّمَعِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَا يَمْنَعُ الْفَقْرَ مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّجَمُّلِ، وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَعَبْدُهُ الَّذِي يَحْتَاجُ لِخِدْمَتِهِ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى وَفْق بَحْثِ الرَّافِعِيِّ وَقَالَ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَسْتَغْرِقُهُ الدَّيْنُ قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يُعْطَى حَتَّى يَصْرِفَهُ فِي الدَّيْنِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلَوْ اعْتَادَ السُّكْنَى بِالْأُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَدْرَسَةِ فَالظَّاهِرُ خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَقْرِ زَمَانَةٌ وَتَعَفُّفٌ عَنْ السُّؤَالِ وَقَوْلُ النَّظْمِ خَلَا مِنْ زِيَادَتِهِ (الثَّانِي مِسْكِينٌ) وَهُوَ مَنْ (يَقَعْ) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ (مَا وُصِفَا) أَيْ مَا ذَكَرَ فِي الْفَقِيرِ مِنْ مَالِهِ أَوْ كَسْبِهِ الْمَذْكُورِ (مِنْ حَاجَةٍ بِمَوْقِعٍ) أَيْ
ــ
[حاشية العبادي]
بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْنَعْ نَفَقَتَهَا) مِثْلُهُ تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ) وَجْهُ شُمُولِ الْمَتْنِ لِهَذِهِ الصُّورَةِ كَوْنُ السَّالِبَةِ تَصْدُقُ بِانْتِفَاءِ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ الْمَالُ وَالْكَسْبُ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ مَنْ لَا يَقَعُ لَهُ مَالٌ وَكَسْبٌ بِرّ (قَوْلُهُ: بِالْعِبَادَاتِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّنَفُّلِ (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ) أَيْ فَيُعْطَى مَا يَكْفِيهِ إلَى وُصُولِ مَالِهِ وَحُلُولِ الْأَجَلِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ فَيُعْطَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ وَكَانَ مَالُهُ فِي دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّرُورَةَ فِي السَّفَرِ أَشَدُّ وَالْحَاجَةُ فِيهِ أَغْلَبُ وَلِذَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ وَلَوْ بِلَا مَشَقَّةٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يُعْطَى حَتَّى يَصْرِفَهُ فِي الدَّيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ وَمِنْ دَيْنِهِ كَمَالِهِ لَا يُعْطَى حَتَّى يَصْرِفَهُ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغَارِمِ فَمَنْ ادَّانَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ لَا فِي مَعْصِيَةٍ إلَّا إنْ تَابَ أُعْطِيَ إذَا احْتَاجَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُضِيَ دَيْنُهُ تَمَسْكَنَ فَيُتْرَكُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَيُتَمِّمُ لَهُ الْبَاقِي. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ حَتَّى إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ تُرِكَ لَهُ مِمَّا مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ وَأُعْطِيَ مَا يَقْضِي بِهِ بَاقِيَ دَيْنِهِ. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: خُرُوجُهُ عَنْ اسْمِ الْفَقْرِ) أَيْ حَيْثُ حَصَلَ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ لِغَايَةِ سَنَةٍ أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ عَلَى مَا يَأْتِي
[حاشية الشربيني]
اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَفَحُشَ الْبَعْدُ بَيْنَهُمْ. اهـ.
لِاسْتِظْهَارِ كُلِّ فِرْقَةٍ بِالْأُخْرَى شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَبْدَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْكِلَابَ مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الِاخْتِصَاصَ كَمَا سَبَقَ وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ غَنِيمَةً كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ
[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقَعَ إنْ كَانَ جَلَالًا لَائِقًا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ الْأَخْذُ وَلَوْ وَقَعَ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ لَائِقٍ بِهِ) وَلَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالْكَسْبِ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ وخ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهُ النَّفَقَةُ) أَيْ أَوْ كَمَالِهِ م ر (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ غَالِبًا وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ كَالْمُجْتَهِدِ ق ل (قَوْلُهُ: التَّنَفُّلَ) بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَمَنَعَهُ فَيُعْطَى ق ل وم ر (قَوْلُهُ: وَثِيَابَهُ) مِثْلُهَا حُلِيُّ الْمَرْأَةِ الْمُحْتَاجَةِ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ فَلَا يَمْنَعُ أَخْذَهَا الزَّكَاةَ م ر (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ) قَالُوا إنَّهُ يُعْطَى إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بَلْ يُعْطَى كِفَايَتُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَجَّلُ) وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ م ر (قَوْلُهُ: وَعَبْدُهُ) الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ قَالَ م ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ وَآلَةُ الْمُحْتَرَفِ كَخَيْلِ جُنْدِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute