للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا، (ثُمَّ عَادَتْ) وَاعْتَرَفَتْ بِالرَّجْعَةِ فِي الْأُولَى وَبِرِضَاهَا بِالنِّكَاحِ فِي الثَّانِيَةِ، (فَرَأَوْا) أَيْ الْأَصْحَابُ (تَصْدِيقَهَا) ؛ لِأَنَّهَا جَحَدَتْ حَقَّ الزَّوْجِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ، وَفَارَقَتْ الْأُولَى بِأَنَّ رِضَا الزَّوْجَةِ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الرَّجْعَةِ (خِلَافَ الِارْتِجَاعِ عَنْ نَسَبٍ حَرَّمَ أَوْ رَضَاعِ) أَيْ: خِلَافَ رُجُوعِهَا عَمَّا ادَّعَتْهُ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا مُحَرَّمًا، فَإِنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ، وَالْإِثْبَاتُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ، فَفِي الرُّجُوعِ عَنْهُ تَنَاقُضٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، فَإِنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ النَّفْيِ، وَالنَّفْيُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عِلْمٍ.

نَعَمْ لَوْ قَالَ: مَا أَتْلَفَ فُلَانٌ مَالِي، ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَتْلَفَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَا أَتْلَفَهُ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ عَلَى نَفْسِهِ بِبَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَنَى الْإِمَامُ عَلَى الْفَرْقِ السَّابِقِ مَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، وَحَلَفَتْ هِيَ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا، لَا يُقْبَلُ لِإِسْنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ

(بَابُ الْإِيلَاءِ) هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ

وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى ... إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ

وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ وَخَصَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى لِأَنَّهُ ضِمْنُ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُولُونَ مُبْعِدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ، وَلَيْسَ مِنْهُ «إيلَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا» وَلَهُ سِتَّةُ أَرْكَانٍ حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ وَزَوْجَةٌ وَصِيغَةٌ وَمُدَّةٌ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا مَعَ تَعْرِيفِهِ شَرْعًا فَقَالَ (يُفَسَّرُ الْإِيَّلَا بِأَنَّهُ حَلِفْ زَوْجٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، أَوْ بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَمَا سَيَأْتِي (بِصِحَّةِ الطَّلَاقِ مُتَّصِفْ) أَيْ حَلِفُ زَوْجٍ مُتَّصِفٌ بِصِحَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ خَصِيًّا، أَوْ رَقِيقًا، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ سَكْرَانَ (عَلَى امْتِنَاعٍ مِنْ جِمَاعٍ) لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ رَقِيقَةً، أَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ صَغِيرَةً، أَوْ مَرِيضَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا أَوْ مُتَحَيِّرَةً لِاحْتِمَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا فِي الْعِدَّةِ مُعْتَبَرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) مَعَ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ عَنْ النَّفْيِ.

بَابُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ) لِأَنَّهُ مَصْدَرُ آلَى يُولِي إذَا حَلَفَ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَرَامٌ) بَحَثَ الشِّهَابُ فِي زَوَاجِرِهِ كَوْنَهُ كَبِيرَةً وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا) أَيْ: لِأَنَّ الشَّهْرَ دُونَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ رَجْعِيَّةً) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً، أَوْ مَرِيضَةً قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ حَتَّى تُدْرِكَ أَيْ: الصَّغِيرَةُ إطَاقَةَ الْجِمَاعِ وَتُطِيقُ الْمَرِيضَةُ أَيْ: ذَلِكَ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَحَيِّرَةً، أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ مُظَاهِرًا مِنْهَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَالتَّكْفِيرِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ قَالَ وَسَيَأْتِي مَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْهُ وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ حَتَّى تُطِيقَ الصَّغِيرَةُ الْوَطْءَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ إمْكَانِ جِمَاعِهَا فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِمَّا قَدَّرَهُ بَعْدَ إمْكَانِ الْوَطْءِ يَبْلُغُ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: أَوْ يُمْكِنُ لَكِنْ فِي أَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِمْكَانِ أَقَلَّ فَفِيهِ اشْتِرَاطُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْإِمْكَانِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الْأُولَى إلَخْ) وَتُفَارِقُهَا أَيْضًا بِأَنَّ النَّفْيَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا كَانَ كَالْإِثْبَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِهِ عَلَى الْبَتِّ كَالْإِثْبَاتِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) بَلْ قَدْ يُسْتَصْحَبُ فِيهِ الْعَدَمُ الْأَصْلِيُّ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ بَصِيرَةٍ غَالِبًا فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَنْهُ.

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

(بَابُ الْإِيلَاءِ) (قَوْلُهُ: فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ) أَيْ: إلَى مَا سَيَأْتِي وَاقْتَصَرَ ق ل عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَة، وَهُوَ أَوْلَى إذًا التَّخْصِيصُ بِالْحَلِفِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فَرْدٌ مِمَّا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي كَانَ طَلَاقًا هُوَ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالْمُغَيَّرُ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ. . إلَخْ) الَّذِي فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>