تَسْتَقِرَّ ضَارَبَتْ (بِالْأَقَلِّ لِمُدَّةِ الْأَقْرَا) أَيْ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الْأَقْرَاءِ حَيْثُ لَا عَادَةَ وَبِأُجْرَةِ أَقَلِّ مُدَّةِ عَادَاتِهَا فِي الْأَقْرَاءِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَلَمْ تَسْتَقِرَّ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَإِنْ زَادَتْ الْأَقْرَاءُ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ أَوْ مُدَّةِ عَادَاتِهَا ضَارَبَتْ بِالزَّائِدِ أَيْضًا (كَمَا لِلْحَمْلِ) فِي أَنَّهَا إذَا كَانَ لَهَا فِيهِ عَادَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ تُضَارِبُ بِمَا بَقِيَ مِنْ عَادَتِهَا إلَى الْوَضْعِ، ثُمَّ إنْ نَقَصَ زَمَنُ الْحَمْلِ عَنْ الْعَادَةِ رَدَّتْ الزَّائِدَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ زَادَ ضَارَبَتْ بِالزَّائِدِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ضَارَبَتْ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ أَقَلِّ مُدَّةِ عَادَاتِهَا فِيهِ فَإِنْ زَادَ حَمْلُهَا عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ أَوْ مُدَّةِ عَادَاتِهَا ضَارَبَتْ بِالزَّائِدِ أَيْضًا أَمَّا إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَتُضَارِبُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ مُدَّةِ أَشْهُرِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ مَا بَقِيَ لَهَا بَعْدَ الْمُضَارَبَةِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ (قُلْتُ وَمَنْ) أَيْ زَوْجَتُهُ الَّتِي (فِي دَارِهِ لَوْ طَلُقَتْ مِنْ قَبْلِ إفْلَاسٍ) لَهُ (وَحَجْرٍ) عَلَيْهِ (سَبَقَتْ) أَيْ تَقَدَّمَتْ (عَلَى الْغَرِيمِ) بِحَقِّ السُّكْنَى إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا (إذْ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ) أَيْ حَقُّهَا (كَفِي) حَقِّ (الْمُرْتَهِنِ) وَالْمُكْتَرِي.
(وَاسْتَقْرَضَ الْقَاضِي) أُجْرَةَ سُكْنَاهَا (عَلَى مَنْ بَلَدَهْ فَارَقَ) أَيْ عَلَى زَوْجٍ فَارَقَ بَلَدَهُ أَيْ غَابَ عَنْهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ تَسْكُنُ فِيهِ الْمُعْتَدَّةُ وَلَا مَالَ لَهُ يُصْرَفُ إلَى الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَطَوَّعْ بِهِ غَيْرُهُ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَتْ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْقَاضِي تَسْتَقْرِضُ (هِيَ بِرُجْعَى) أَيْ مَعَ رُجُوعِ الْمُعْتَدَّةِ (الْمُشْهِدَهْ) أَيْ الَّتِي أَشْهَدَتْ أَنَّهَا تَقْتَرِضُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تَطْلُبْ حَقَّ السُّكْنَى سَقَطَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَقَدْ وُجِدَ فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ، وَالسُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ عَلَى مُوجِبِ نَظَرِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]
(فَصْلٌ فِي)
بَيَانِ (الِاسْتِبْرَاءِ) هُوَ التَّرَبُّصُ الْوَاجِبُ بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِغَيْرِ حُدُوثِ مِلْكٍ أَوْ زَوَالِهِ كَأَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِهِ فِي حُدُوثِ الْمِلْكِ نَفْسُ حُدُوثِهِ مَعَ فَرَاغِ مَحَلِّ التَّمَتُّعِ وَحَكَى فِيهَا الْقَاضِي جَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَكَأَنَّ الْجُمْهُورَ رَأَوْا نُدْرَةَ هَذِهِ الصُّوَرِ مَعَ مَا فِي بَعْضِهَا مِنْ الْخِلَافِ فَلَمْ يُبَالُوا بِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقُوهَا بِمَا دَخَلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ وَخَصَّ مَا ذُكِرَ بِاسْمِ الِاسْتِبْرَاءِ لِتَقْدِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ بِلَا تَعَدُّدٍ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَلِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا لَمْ يُبَوِّبْ لَهُ بَابًا بَلْ جَعَلَهُ فَصْلًا، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ (مُحَرَّمٌ) إلَى مُضِيِّ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (تَزْوِيجُ كُلِّ مَنْ غُشِيَ) أَيْ وُطِئَ (مِنْ الْإِمَا) بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ حَيْثُ يَجُوزُ قَبْلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ قُلْت وَمَنْ فِي دَارِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَكَذَا بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي دَارِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ الْمَمْلُوكِ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِنْدَ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا قَبْلَ كَذَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي دَارِهِ لَوْ طَلُقَتْ. . . إلَخْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَلَكِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ الْحَجْرِ، ثُمَّ مَاتَ فِيهَا بَعْدَ الْحَجْرِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَالَ فَتُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَلَا تُقَدَّمُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ السُّكْنَى قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَيَسْتَمِرُّ حَقُّهَا، وَقَدْ يُقَالُ مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ انْتِقَالِهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقِرَّ لَهَا لِتَقَدُّمِ التَّعَلُّقِ عَلَى الْحَجْرِ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الِانْتِقَالِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ تَعَلُّقُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ مَحَلُّ الْمُضَارَبَةِ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ النَّظَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ تَعَلَّقَ الْحَقُّ) عِبَارَةُ الشَّارِحِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ فَهِيَ كَالْمُرْتَهِنِ. اهـ.
(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) (قَوْلُهُ: كُلِّ مَنْ غُشِيَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءُ الصَّغِيرِ، ثُمَّ عُمُومُ عِبَارَتِهِ يَشْمَلُ الْآيِسَةَ وَالصَّغِيرَةَ الْمَوْطُوءَتَيْنِ فَلَا تُزَوَّجَانِ حَتَّى تَسْتَبْرِئَا بِشَهْرٍ هَذَا قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَيْ وُطِئَ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ
[حاشية الشربيني]
(فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) (قَوْلُهُ: هُوَ التَّرَبُّصُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمَرْأَةِ كَمَا إذَا عَتَقَتْ أَوْ مِنْ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا فَلِذَا لَمْ يَقُلْ تَرَبُّصُ الْمَرْأَةِ وَلَا التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ يَقُلْ تَرَبُّصُ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْحُرَّةَ كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا عَتَقَتْ. اهـ. شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا جَرَى السَّبَبُ فِي الطُّهْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ وَإِذَا جَرَى فِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ. اهـ. بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ حَمْلًا لِمِلْكِهَا عَلَى أَوَّلِ الْحَيْضِ فَتَلْغُو هَذِهِ الْحَيْضَةُ ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ حَيْضَةً الِاسْتِبْرَاءُ ثُمَّ لَحْظَةَ الِانْتِقَالِ. اهـ. بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ.
مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مَعَ فَرَاغِ مَحَلِّ التَّمَتُّعِ) أَيْ عَمَّا يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ مَلَكَ مَجُوسِيَّةً مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ) قَدْ يَدَّعِي تَنَاوُلَ حُدُوثِ الْمِلْكِ لَهُ أَيْ حُدُوثَ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ لَكِنَّهُ غَيْرُ الْمُتَبَادِرِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الْبَيْعِ) فَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ جَازَ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا ثُمَّ يُزَوِّجَهَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ اكْتِفَاءً بِاسْتِبْرَاءِ الْبَائِعِ أَوْ يَتَزَوَّجُهَا الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ أَيْضًا إلَى الِاسْتِبْرَاءِ اكْتِفَاءً بِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَالْمُمْتَنِعُ إنَّمَا هُوَ تَمَتُّعُ الْمُشْتَرِي بِهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ فِي الْوَطْءِ إذْ لَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِقْلَالًا فَتَوَقَّفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ قَوِيٌّ إذْ لَا يُقْصَدُ إلَّا لَهُ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَلِذَلِكَ جَازَ وَطْءُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا بِالنِّكَاحِ دُونَ مِلْكِ الْيَمِينِ. اهـ. سم. اهـ. شَيْخُنَا ذ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute