للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْوَصِيِّ وَفِي كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى فِي فَتْوَى بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا قَالَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ وَهُوَ الْحَقُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَى وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرَّفَ كَانَ نَائِبَ الشَّرْعِ وَأَمِينَهُ مِثْلُهُ. اهـ. فَعِنْدَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِدُونِهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ

(فَرْعٌ)

الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفَ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَبِلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ اللُّزُومُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الظَّالِمِ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. اهـ.، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ (خَاتِمَةٌ)

نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ الْوَصِيُّ أَنْ يَسْتَوْلِيَ غَاصِبٌ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ

(بَابُ الْوَدِيعَةِ) تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ يَدَعُ إذَا سَكَنَ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْمُودِعِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ فِي دَعَةٍ أَيْ رَاحَةٍ لِأَنَّهَا فِي رَاحَةِ الْمُودَعِ وَمُرَاعَاتِهِ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا: قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَقَوْلُهُ: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] وَخَبَرُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَلْ ضَرُورَةً إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ قَادِرٍ عَلَى الْحِفْظِ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ خَرَزِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَحْرُمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْحِفْظِ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَتُكْرَهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَثِقْ بِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِحَالِهِ الْمَالِكُ فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ، وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ وَكِيلًا أَوْ وَلِيَّ يَتِيمٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ.

قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُودِعٌ وَمُودَعِ وَدِيعَةٌ وَصِيغَةٌ كَمَا تَعْلَمُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ حَيْثُ قَالَ (أَوْدَعْتُ) أَيْ الْإِيدَاعُ (تَوْكِيلٌ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ لِآخَرَ (بِحِفْظِ الْمَالِ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي التَّوْكِيلِ مِنْ كَوْنِ الْعَاقِدَيْنِ جَائِزَيْ التَّصَرُّفِ وَمِنْ الْإِيجَابِ وَمِنْ عَدَمِ الرَّدِّ فَيَكْفِي الْقَبْضُ بِلَا قَبُولٍ فَلَوْ وَضَعَ مَالَهُ بَيْنَ يَدَيْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ لَمْ يَكُنْ إيدَاعًا فَلَوْ قَبَضَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ ضَمِنَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

بَابُ الْوَدِيعَةِ)

(قَوْلُهُ: أَوْدَعْتُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ الْمَالِ) أَوْدَعْتُ هَذَا فِعْلٌ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ لَفْظُهُ حَتَّى يَصِحَّ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِهَذَا الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ أَوْدَعْتُ لَيْسَ تَوْكِيلًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ مُطْلَقًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّفْظُ لَكِنْ عَلَى حَذْفِ أَيْ مَدْلُولِ أَوْدَعْت أَيْ هَذَا اللَّفْظَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اصْطَلَحَ عَلَى وَضْعِ هَذَا اللَّفْظِ لِمَعْنَى الْإِيدَاعِ كَمَا قَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ، وَإِنْ كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ، وَتَرْكِهِ الشُّفْعَةَ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ

[فَرْعٌ الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا) ، وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ إلَّا إنْ صَرَفَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ رُجُوعٍ نَعَمْ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا رَجَعَ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِهِ. اهـ. ق ل

[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِيدَاعِ) أَيْ الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ بِالْمَعْنَى الْآتِي.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ) قَالَ حَجَرٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ الْقَادِرُونَ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُهَا عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَهُ مِنْهُمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ التَّوَاكُلُ إلَى تَلَفِهَا، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر قَالَ سم، وَهُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَيُبْعِدُهُ نَقْلًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا شَرَطُوا لِلْوُجُوبِ عَدَمَ غَيْرِهِ بَلْ كَانَ الْمُنَاسِبُ اشْتِرَاطَ سُؤَالِهِ فَقَطْ ثُمَّ رَأَيْتُ بِهَامِشِ التُّحْفَةِ قَوْلَهُ فَالْأَوْجَهُ تَعَيُّنُهَا إلَخْ قَالَ الشَّمْسُ م ر مَحَلُّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأُمَنَاءِ الْقَادِرِينَ إذَا سُئِلَ امْتَنَعَ كَامْتِنَاعِهِ أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُجِيبُ فَلَا يَجِبُ حِينَئِذٍ بَلْ يُسَنُّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. اهـ. لَكِنَّ عِبَارَةَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ وَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ الْقَبُولُ خَوْفَ التَّوَاكُلِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ) ، وَلَا يُكْرَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: إنَّ الْوَجْهَ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِمَا أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْمُودِعِ فَلِإِعَانَتِهِ عَلَى ذَلِكَ مَرْدُودٌ إذْ الشَّخْصُ إذَا عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذَ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ أَوْ يَدْفَعَهُ لِغَيْرِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، وَلَا الْأَخْذُ إنْ عَلِمَ رِضَاهُ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَخْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْهُ إنْفَاقَهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ كَانَ مُمَكِّنًا لَهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْإِيجَابِ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَلَوْ مُتَرَاخِيًا كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، وَالْإِيصَاءِ، وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>