للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ مَنْ تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ مَنْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ، وَلَا عُذْرَ لَهُ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ مَنْ بِهِ جُنُونٌ، أَوْ إغْمَاءٌ، أَوْ كُفْرٌ أَصْلِيٌّ، أَوْ سُكْرٌ، وَإِنْ لَزِمَ الْأَخِيرَ الْقَضَاءُ، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَتَصِحُّ مِنْهُ، وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْمُبَعَّضُ، وَالْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ خَارِجَ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ، وَالصَّبِيُّ وَالْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى، وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَتَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِهَا غَيْرِ السَّفَرِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ، وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَتَصِحُّ مِنْهُ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ، وَهُوَ الْمُقِيمُ غَيْرُ الْمُتَوَطِّنِ وَالْمُتَوَطِّنُ خَارِجَ بَلَدِهَا إذَا سَمِعَ نِدَاءَهَا وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِينَ فِيهَا (أَنْ يَنْقُصُوا) فِي أَثْنَائِهَا (تَبْطُلْ) لِأَنَّهُمْ شَرْطٌ فِيهَا ابْتِدَاءً، فَكَذَا دَوَامًا كَالْوَقْتِ وَدَارِ الْإِقَامَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا:، فَلَوْ تَحَرَّمَ الْإِمَامُ وَتَبَطَّأَ الْمُقْتَدُونَ ثُمَّ تَحَرَّمُوا، فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ، فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ، وَلَا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ قَالَ الْقَفَّالُ تَصِحُّ وَالْجُوَيْنِيُّ يُشْتَرَطُ قَصْرُ الْفِعْلِ بَيْنَ تَحَرُّمِهِ وَتَحَرُّمِهِمْ، وَالْإِمَامُ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَبِهَذَا جَزَمَ شُرَّاحُ الْحَاوِي.

وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ قَوْلًا آخَرَ لِلْقَفَّالِ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَهُ، فَسَبَقَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَهُمْ الرَّكْعَةَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ (لَا فِي خُطْبَةٍ عَادُوا وَلَمْ يَسْتَأْنُوا) أَيْ: وَلَمْ يَنْتَظِرُوا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ كُفْرٌ أَصْلِيٌّ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ، بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَلِذَا يُعَاقَبُونَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى تَرْكِهَا، وَالْعِقَابُ عَلَيْهِ فَرْعُ لُزُومِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِمْ، بِهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ مَحَلُّ خِلَافٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ الْأَخِيرَ الْقَضَاءُ) ، بِأَنْ تَعَدَّى، بِسُكْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُصُوا تَبْطُلُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: كَغَيْرِهِ، فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا، وَكَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ، بِهَامِشِهِ مَا نَصُّهُ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ، وَإِلَّا، فَالْوَجْهُ اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْوَقْتُ بَاقٍ، وَالْعَدَدُ مُتَيَسِّرٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الظُّهْرُ مَعَ إمْكَانِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَأَيْت السَّيِّدَ السَّمْهُودِيَّ فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ سَبَقَنِي إلَى هَذَا الْبَحْثِ، وَقَالَ: إنَّهُ التَّحْقِيقُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ إمْكَانُ دَفْعِ ذَلِكَ، بِأَنْ نَقُولَ قَوْلَهُمْ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْعَلَ الظُّهْرَ حَتَّى يَيْأَسَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْرَعْ، أَمَّا إذَا شَرَعَ فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَقَصَ الْعَدَدُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ الْبَاقُونَ، بِأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ كَيْ تَصِحَّ لَهُمْ ظُهْرًا، وَلَوْ قَبْلَ، فَوَاتِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْعُذْرِ خُصُوصًا، وَالدَّوَامُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، بِمَا بَحَثَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ، وَيُؤَيِّدُهُ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ قَوْلُ الْمُصَنِّف الْآتِي: إنْ فَاتَ شَرْطٌ خَصَّهَا مِمَّا ذُكِرَ، بِقَوْلِهِ: وَتَعَذَّرَ تَدَارُكُهُ (تَنْبِيهٌ)

قَوْلُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَيُتِمَّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بُطْلَانُ خُصُوصِ الْجُمُعَةِ لَا أَصْلُ الصَّلَاةِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: يُمَكِّنُهُمْ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ) ، بِأَنْ يُتِمُّوا قِرَاءَتَهَا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ ع ش م ر (قَوْلُهُ: تُمْكِنُهُمْ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِتْمَامِ، بِالْفِعْلِ قَبْلَ رُكُوعِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ قَوْلًا آخَرَ لِلْقَفَّالِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ.) فِي نُسْخَةٍ، وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ قَوْلَ الْقَفَّالِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ يَنْبَغِي اعْتِمَادُهَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ، بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا إلَخْ. إنَّمَا يَصِحُّ عَلَيْهَا دُونَ الَّتِي فِي الشَّرْحِ بِرّ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: إنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ. فِي الْحَصْرِ نَظَرٌ نَعَمْ هُوَ أَنْسَبُ، بِهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ التَّبَاطُؤَ لَا يَضُرُّ بِشَرْطِهِ، وَتَأَخُّرَ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّبَاطُؤِ نَعَمْ يَظْهَرُ هُنَا أَنْ لَا يَقَعَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ تَبَاطُؤٌ مُضِرٌّ فَتَأَمَّلْ

[ضَابِطُ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ]

(قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُصُوا فِي أَثْنَائِهَا تَبْطُلُ) مَا لَمْ يَكُنْ النَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَعَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا، وَأَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لَمْ يَفْعَلْهَا أَرْبَعُونَ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا، أَوْ لَمْ يُدْرِكُوا إلَّا الرُّكُوعَ هَكَذَا نَقَلَ سم عَنْ م ر مَرَّةً، وَنُقِلَ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِهِمْ الْفَاتِحَةَ قَالَ م ر: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَاطُؤِ أَمْرَانِ إدْرَاكُ الْفَاتِحَةِ، وَالرُّكُوعُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الِانْفِضَاضِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ هَذَانِ، وَعَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُمْ هُنَا قَطَعُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ انْعِقَادِهَا فَاشْتَدَّ إعْرَاضُهُمْ، وَلَا كَذَلِكَ التَّبَاطُؤُ فَإِنَّهُ لَا إعْرَاضَ، أَوْ مَا وُجِدَ مِنْهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّقْصُ إلَخْ أَيْ: فَتَبْطُلُ جُمُعَةُ مَنْ بَقِيَ فِي الصَّلَاةِ مَتَى أَمْكَنَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ ثَانِيًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ م ر، وَاعْتَمَدَ ز ي عَدَمَ الْبُطْلَانِ رَأْسًا، بَلْ تَبْطُلُ كَوْنُهَا جُمُعَةً، وَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا، وَلَوْ أَمْكَنَتْ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ نَعَمْ يَلْزَمُ مَنْ نَقَصَ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ إنْ أَمْكَنَتْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر هُوَ الْأَخْيَرُ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا بَطَلَتْ) أَيْ: بَطَلَ كَوْنُهَا جُمُعَةً فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ عَادَ الَّذِي نَقَصَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَأَدْرَكَ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَتَسْتَمِرُّ جُمُعَةً. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْقُصُوا إلَخْ) أَيْ: بِغَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ بَعْدَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِذَلِكَ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَالْمُحَشِّي (قَوْلُهُ: وَتَبَطَّأَ الْمُقْتَدُونَ إلَخْ) أَيْ: الْعَدَدُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ أَوْ بَعْضُهُ، أَمَّا الزَّائِدُ فَلَا تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ مَتَى أَدْرَكَ الرُّكُوعَ (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ يُمَكِّنُهُمْ) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَقْرَءُوا الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ لَا أَنَّهُمْ تَمَكَّنُوا مِنْ قِرَاءَتِهَا، وَلَمْ يَقْرَؤُهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ الرُّكُوعِ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى كِلَا الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. اهـ.

شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ (قَوْلُهُ: يُمَكِّنُهُمْ) أَيْ: مَعَ قِرَاءَتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَسَبَقَهُ إلَخْ) يَحْتَاجُ هَذَا لِضَمِيمَةٍ تُنْتِجُ وُجُوبَ إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ تَكَلَّمَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>