للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ

(وَإِذْ يَمْتَنِعُ) أَيْ قِسْمَةُ الشَّيْءِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَنَاةِ وَالْحَمَّامِ الصَّغِيرَيْنِ (هَايَا) أَيْ: نَاوَبَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً أَوْ نَحْوَهَا، (إذَا تَوَافَقُوا) عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُهَايِئُ بَيْنَهُمْ بِتَوَافُقِهِمْ فِيمَا لَا يَمْتَنِعُ قِسْمَتُهُ، إذْ الْقِسْمَةُ كَمَا تَرِدُ عَلَى الْأَعْيَانِ تَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا تُعَجِّلُ حَقَّ أَحَدِهِمْ وَتُؤَخِّرُ حَقَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ؛ وَلِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمْ بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمُعَاوَضَةِ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا إجْبَارَ فِيهَا.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ، أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، إذْ لَا حَقَّ لِلشَّرِكَةِ فِي الْعَيْنِ قَالَ: وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ، وَمَا قَالَهُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الثَّانِي، (وَيَرْجِعُ) كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ الْمُهَايَأَةِ، (إلَّا إذَا نَوْبَتَهُ اسْتَوْفَاهَا) دُونَ الْآخَرِ، فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْآخَرُ نَوْبَتَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ

(وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ مُنْتَهَاهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، إذْ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ مَعَ قَوْلِهِ (قُلْتُ ضَعَّفُوا هَذَا لِمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ) لِلْحَاوِي (عَقِيبَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَرْجِعُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْمُهَايَأَةِ (مِنْهُمَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتِمَّ نَوْبَتَاهُمَا) وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ إحْدَاهُمَا (فَغَرِّمَا) أَنْتَ (مُسْتَوْفِيًا نَصِيفَ أَجْرِ مِثْلِ مَا قَدْ كَانَ مُسْتَوْفِيَهُ) أَيْ: غَرِّمْ الْمُسْتَوْفِيَ (لِلْآخَرِ) نِصْفَ أَجْرِ مَا قَدْ كَانَ اسْتَوْفَاهُ، فَعُلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَأَنَّ كَلَامَ الْحَاوِي الْأَخِيرَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ الْأَخِيرُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا وَعُقَيْبَهُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ، وَنُصَيْفٌ بِالْيَاءِ لُغَةٌ فِي نِصْفٍ بِتَرْكِهَا

(وَلِلنِّزَاعِ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَةِ وَالْمُهَايَأَةِ (لَا تَبِعْ) مِلْكَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَامِلُونَ، وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ (بَلْ آجِرِ) عَلَيْهِمْ وَوَزِّعْ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ.

(تَتِمَّةٌ) لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْحَيَوَانِ اللَّبُونِ لِيُحْلَبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، وَلَا فِي الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ لِيَكُونَ ثَمَرَتُهَا لِهَذَا عَامًا وَلِهَذَا عَامًا؛ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ، بَلْ طَرِيقُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يُبِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ مُدَّةً.

(بَابُ الْعِتْقِ)

بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] ، وَقَوْلُهُ {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧] أَيْ: بِالْإِسْلَامِ وَأَنْعَمْت عَلَيْهِ أَيْ: بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَأَمَرَ اللَّهُ بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» ، وَتَظَاهَرَتْ النُّصُوصُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ، أَوْ مَنْعٌ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِيَ عَنْ قَصْدِ مَا ذُكِرَ كَالتَّدْبِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ خَبَرٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ.

وَأَرْكَانُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ إثْبَاتُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِثْبَاتُ الِابْتِيَاعِ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ النَّوْبَةِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ تِلْكَ النَّوْبَةِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ إيجَارُهَا وَأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْمُهَايَأَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ نَوْبَتَهُ غَرِمَ بَدَلَ حِصَّةِ الْأَخِيرِ مِمَّا اسْتَوْفَاهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ م ر (قَوْلُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَا أَرْضًا اهـ. أَيْ فَإِنَّهُ لَا إجْبَارَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَأَتْبَاعِهِمَا وَقَالَ الْجَوْجَرِيُّ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ لَا يَدُلُّ

(قَوْلُهُ: بَلْ أَجَّرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةٍ تُؤَخَّرُ تِلْكَ الْعَيْنُ فِيهَا عَادَةً إذْ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يُعَلِّقُهَا عَلَيْهِمَا أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَصْطَلِحَا؟ كُلُّ مُحْتَمَلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ أَنْ يُبِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ مُدَّةً) فَلَوْ رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمَا مُدَّتَهُ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ نَظِيرَهَا فَهَلْ يَغْرَمُ بَدَلَ حِصَّةِ الْآخَرِ مِمَّا اسْتَوْفَاهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِيفَاءِ نَظِيرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْإِتْلَافِ بِالْبَدَلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْإِبَاحَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ؟ وَلَا يَضُرُّ أَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ بِاسْتِيفَاءِ النَّظِيرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ

(بَابُ الْعِتْقِ)

(قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ: الْحَثِّ وَالْمَنْعِ

(قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَحْمِلَ مِلْكَ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَقَدْ يُقَالُ حَاصِلُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ يَصِحُّ إعْتَاقُ مَنْ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْبَيَانِ بِالْمَجْهُولِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ هُنَاكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْخِلَافَ الْمُفَادَ بِقَوْلِهِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ أَنْ يُبِيحَ إلَخْ) وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِضَرُورَةِ الشَّرِكَةِ مَعَ تَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ

[بَابُ الْعِتْقِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>