للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ، وَهُوَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ (بِيعَ) ، لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ، وَقِيلَ: إفْرَازٌ فِيمَا كَانَ لَهُ بَيْعٌ فِيمَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ الْآخَرِ، أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ فَلَيْسَ بَيْعًا، بَلْ إفْرَازُ حَقٍّ بِمَعْنَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ مِلْكَهُ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَكِنَّهُمَا صَحَّحَا فِي بَابَيْ الزَّكَاةِ وَالرِّبَا أَنَّهُ بَيْعٌ.

(وَبَاغِيهَا) أَيْ طَالِبِي الْقِسْمَةِ (أَجِبْ وَسَجِّلْ بِقَوْلِهِمْ: قَسْمِي) أَيْ بِأَنَّ قَسْمِي وَقَعَ بِقَوْلِهِمْ، فَلَوْ حَضَرَ إلَى الْحَاكِمِ جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ عَيْنٌ يَبْغُونَ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَا مُنَازَعٍ لَهُمْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا لِدَلَالَةِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِكِ، وَكَتَبَ فِي تَسْجِيلِهِ أَنَّهُ قَسَمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: لَا بِبَيِّنَةٍ لِئَلَّا يَدَّعُوا الْمِلْكَ بَعْدُ وَيَحْتَجُّوا بِقِسْمَتِهِ.

وَحَكَى الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيِّ وَتَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَطَبَقَتِهِ، فَقَدْ تَكُونُ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، فَإِذَا قَسَمَهَا فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا ذَكَرَ الْقَوْلَ بِالْقِسْمَةِ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالْمُوجَبِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْعَاقِدَيْنِ بِالْبَيْعِ، وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ، أَمَّا إذَا أَقَامُوا بَيِّنَةً وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَيُجِيبُهُمْ، وَاعْتَرَضَ ابْنُ سُرَيْجٍ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ وَتُسْمَعُ عَلَى خَصْمٍ وَلَا خَصْمَ هُنَا، وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِيُحْكَمَ لَهُمْ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُشْرَعُ حَيْثُ يَكُونُ خَصْمٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ لَوْ حَصَلَ نُكُولٌ

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّدِّ لَا التَّعْدِيلِ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ، وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ التَّعْدِيلَ بَيْعٌ وَلَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِهِ آخِرَ الْبَابِ وَلِمَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ نَصِيبِهِ أَنْ يَفْسَخَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) قَدْ يُوجَدُ هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْإِفْرَازِ

(قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ إذْ لَيْسَ فِي حُكْمِهِ هُنَا تَسْلِيطٌ وَلَا احْتِجَاجٌ بِفِعْلِ الْقَاضِي بِخِلَافِ قِسْمَتِهِ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَقَامُوا بَيِّنَةً) أَيْ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ إقَامَتِهَا بِالْيَدِ أَوْ بِنَحْوِ الِابْتِيَاعِ (قَوْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ إلَخْ) ، عِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ حَيْثُ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ ثَبَتَ فِيهَا أَحْكَامُهُ مِنْ الْخِيَارَيْنِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

مَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِنَفْعِهِ فَأَنْكَرَ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَالرَّدُّ بَيْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابَلَتِهِ رَدٌّ فَإِنَّ الَّذِي مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِشَاعَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بَيْعٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَبِيعًا لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعًا مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ. اهـ وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَقُومُ الرِّضَا مَقَامَهُمَا. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَرَدَ إلَخْ) وَلَمْ نَقُلْ بِالتَّبَيُّنِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْإِفْرَازِ لِلتَّوَقُّفِ هُنَا عَلَى التَّقْوِيمِ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ بَاعَ مَا كَانَ لَهُ) أَيْ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ مِنْهُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: بِمَا كَانَ لِلْآخَرِ أَيْ بِبَعْضِ مَا كَانَ لِلْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ أَيْ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ بَاقٍ مَعَ مَا ابْتَاعَهُ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ النِّصْفَ مَثَلًا فَقَدْ ابْتَاعَ مَا لِشَرِيكِهِ فِيهِ بِمَا لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ شَرِيكُهُ، وَالْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ النِّصْفُ شَائِعًا فَلَهُ فِي كُلِّ نِصْفٍ مِنْ الْكُلِّ نِصْفٌ شَائِعٌ أَيْضًا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مَا كَانَ لَهُ) أَيْ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُهُ بِمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ هُوَ فَالْبَيْعُ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ كُلٌّ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ لَا فِيهِ وَفِي حَقِّهِ هُوَ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ فَفِيهِ شَيْءٌ يُعْلَمُ مِمَّا بِالْهَامِشِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تُبَيِّنُ إلَخْ) كَالْمَالِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ الْمَقْبُوضَةُ دَيْنًا وَلَا نَجْعَلُهَا عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ، إذْ لَوْ قَدَّرْنَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَثَبَتَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ كَمَا إذَا تَقَاسَمَ شَرِيكَانِ حِصَّتَهُمَا وَتَرَكَا حِصَّتَهُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِرِضَاهُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا إلَخْ لَعَلَّهُ إلْزَامٌ لِمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ وَتَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَقْسِمُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِبَيِّنَةٍ وَسُمِعَتْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ دَعْوَى مِنْ خَصْمٍ لِلْحَاجَةِ. اهـ. حَجَرٌ وم ر

(قَوْلُهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ. اهـ. حَجَرٌ وم ر (قَوْلُهُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا) أَيْ لَا بِالْمِلْكِ، إذْ قَدْ يَصْدُرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ سُرَيْجٍ إلَخْ) أَجَابَ م ر وَحَجَرٌ بِأَنَّهَا سُمِعَتْ لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>