للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَابَّتَك (إجَارَهْ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى لَكِنَّهَا (تَفْسُدُ) أَيْ فَاسِدَةً لِلتَّعْلِيقِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَالِهِ (وَ) قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ (اغْسِلْ ثَوْبِي) بِفَتْحِ الْيَاءِ (اسْتِعَارَهْ لِبَدَنٍ) أَيْ بَدَنِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُ أَخْذَهَا عَلَى فِعْلِهِ وَهَذَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا أَجْرٌ لِمَا بِدُونِ شَرْطٍ عَمَلَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَالَ اغْسِلْهُ لِأُرْضِيَكَ أَوْ أُعْطِيَكَ حَقَّكَ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَمُؤَنِ الرَّدِّ) لِلْعَارِيَّةِ حَيْثُ لَهُ مُؤْنَةُ أَخْذِهَا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ لِخَبَرِ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنْهَا وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَرَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّ عَلَى الْمُعِيرِ

وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: (كَفِي سَوْمٍ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ كَمَا تُؤْخَذُ مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَقْبُوضِ بِجِهَةِ السَّوْمِ مِنْ الْمُسْتَامِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّدُّ الْمُبْرِئُ مِنْ الضَّمَانِ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ لِلْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُعِيرَ فَسَلَّمَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدٍ فَأَرْسَلَهَا إلَى الْمَرْعَى فَضَاعَتْ فَالْمُعِيرُ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُتَسَلِّمَ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ (وَقِيمَةً لِيَوْمِ التَّلَفِ إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ) أَيْ وَقِيمَةُ الْمُعَارِ أَوْ بَعْضِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ فِيهِ (خُذْهَا مُطْلَقَا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَقْصِيرٍ وَبِعَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ أَمَانَةً (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ لِخَبَرِ: «الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ رَدُّهُ لِمَالِكِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ عِنْدَ تَلَفِهِ كَالْمَأْخُوذِ بِجِهَةِ السَّوْمِ فَضَمِيرُ خُذْهَا عَائِدٌ إلَى الْمُؤَنِ وَالْقِيمَةِ، أَمَّا تَلَفُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَيْ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَانْسِحَاقِ الثَّوْبِ وَانْمِحَاقِهِ بِاللُّبْسِ وَتَلَفِ الدَّابَّةِ بِالْحَمْلِ الْمُعْتَادِ وَانْكِسَارِ السَّيْفِ فِي الْقِتَالِ فَلَا تُؤْخَذُ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَيْنِ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُمَا إنْ نَقَصَا بِذَلِكَ ضَمِنَ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: مُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِمُؤَنِ الرَّدِّ وَالْقِيمَةِ مُؤَنُ الْمُعَارِ فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ لَا الْمُسْتَعِيرَ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَبِالْمُعَارِ تَوَابِعُهُ كَوَلَدِهِ وَثَوْبِهِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُسْتَعِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِيَسْتَعْمِلَهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ

(فَرْعٌ) لَوْ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

هِبَةً لِاسْتِعْمَالِ الدَّارِ وَذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَ الدَّارِ عَارِيَّةً فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: وَاغْسِلْ ثَوْبِي اسْتِعَارَةٌ إلَخْ) (فَرْعٌ) أَعْطَاهُ حَانُوتًا وَدَرَاهِمَ أَوْ أَرْضًا وَبَذْرًا أَوْ قَالَ اتَّجِرْ فِيهِ أَوْ ازْرَعْهُ فِيهَا لِنَفْسِك فَالْأَرْضُ أَوْ الْحَانُوتُ عَارِيَّةٌ وَهَلْ الدَّرَاهِمُ وَالْبَذْرُ قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَجْهَانِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ بِبَدَلِ مَا دَفَعَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ وَلِيَّ الدِّينِ الْعِرَاقِيِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَزَادَ فِي الْأَنْوَارِ بَعْدَ قَوْلِهِ: فِيهِ وَجْهَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي الْغَصْبِ اهـ مَا فِي شَرْحِهِ وَيُمْكِنُ مَنْعُ الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَالْفَرْقُ وَمِنْهُ دَلَالَةُ قَوْلِهِ: لِنَفْسِك دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى الْهِبَةِ وَيَبْقَى مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا حَيْثُ تَسَاوَتْ مَسَافَةُ الرَّدِّ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ، أَمَّا لَوْ اقْتَضَى الْحَالُ أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ رَدِّهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ دِرْهَمًا لِقُرْبِ مَكَانِ الْعَقْدِ فَأَبْعَدَيْهَا الْمُسْتَعِيرُ بِحَيْثُ تَكُونُ مُؤْنَةُ رَدِّهَا دِرْهَمَيْنِ لِبُعْدِ مَكَانِ الْمُسْتَعِيرِ فَالدِّرْهَمُ الزَّائِدُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّادِّ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَعِيرُ دُونَ الْمَالِكِ بِرّ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْمَالِكُ أَوْ بِخَبَرِهِ بِهِ ثِقَةٌ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ هُنَا وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَأَقَرَّهُ اهـ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ أَمَانَةً) إشَارَةٌ إلَى الضَّمَانِ وَأَنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ أَمَانَةً قَالَ فِي الرَّوْضِ لَوْ أَعَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً لَغَا قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ أَعَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً لَغَا الشَّرْطُ وَكَانَتْ مَضْمُونَةً ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ (ثَوْبُهُ، أَمَّا تَلَفُهُ إلَخْ)

(فَرْعٌ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ التَّلَفَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ أَوْ بِغَيْرِهِ صُدِّقَ الْمُعِيرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِكَلَامِ الْبَيَانِ قِيلَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَارِيَّةِ الضَّمَانُ حَتَّى يَثْبُتَ مُسْقِطٌ اهـ لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا أَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَاهُنَا ضَمَانَيْنِ شَغْلُ الذِّمَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْيَدَ سَبَبُ شَغْلِ الذِّمَّةِ إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ حُصُولِهِ وَمُجَرَّدُ وَضْعِ السَّدِّ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالْهِبَةِ فَصَارَتْ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا لَوْ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ بَلْ التَّخْلِيَةُ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ) مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَالِكُ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ وَيَتْرُكُهُ فِيهِ اهـ م (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْهَدْيِ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَالَ ع ش وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدِهَا أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذَبْحَهَا وَتَفْرِقَةَ لَحْمِهَا أَشْبَهَتْ الْوَدِيعَةَ فَضَمِنَتْ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِخِلَافِ الْجِلْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْمُبَاحَاتِ فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ وَانْظُرْ جِلْدَ الْهَدْيِ

[فَرْعٌ أَعَارَ شَيْئًا بِشَرْطِ ضَمَانِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ]

(قَوْلُهُ: بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر لَوْ أَعَارَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ إذَا تَلِفَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ ضَمَانُهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةَ اهـ قَالَ ع ش عَلَى قَوْلِهِ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةَ أَيْ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ تُضْمَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا أَنَّهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَتِهَا فِي مُقَابَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>