وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بَعْضٌ) مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ (حَجَبْ بَعْضًا) مِنْهُ (فَهَذَا فِي مُشَبَّهٍ وَجَبْ) لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ فَلَوْ خَلَّفَ ثَلَاثَ بَنَاتِ أُخُوَّةٍ مُتَفَرِّقِينَ فَلِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ الْبَاقِي وَتُحْجَبُ بِهَا بِنْتُ الْآخَرِ كَمَا يُحْجَبُ بِأَبِيهَا أَبُوهَا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى الرَّدِّ وَتَوْرِيثِ ذِي الرَّحِمِ فِي نِهَايَةِ الْهِدَايَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ كَحَجْبِ الْوَلَدِ الزَّوْجَ مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبْعِ وَالزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبْعِ إلَى الثُّمُنِ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَحَجْبُ حِرْمَانٍ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ صِنْفَانِ حَجْبٌ بِالْوَصْفِ وَيُسَمَّى مَنْعًا كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَسَيَأْتِي وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْضًا وَحَجْبٌ بِالشَّخْصِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ وَإِنْ عُلِمَ بَعْضُهُ مِمَّا مَرَّ فَقَالَ.
(وَكُلُّ مَنْ أَدْلَى) إلَى الْمَيِّتِ (بِغَيْرٍ عُطِّلَا) أَيْ حُجِبَ (بِهِ) كَالْجَدِّ يُحْجَبُ بِالْأَبِ، وَابْنِ الِابْنِ بِالِابْنِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ وَلَدِ الْأُمِّ (وَأَمَّا وَلَدُ الْأُمِّ فَلَا) يُحْجَبُ بِهَا وَإِنْ أَدْلَى بِهَا لِأَنَّ شَرْطَ حَجْبِ الْمُدْلِي بِهِ لِلْمُدْلِي اتِّحَادُهُ مَعَهُ فِي الْجِهَةِ كَالْأُمِّ مَعَ أُمِّهَا أَوْ حَوْزُهُ لِكُلِّ التَّرِكَةِ لَوْ انْفَرَدَ كَالْأَبِ مَعَ الْأَخِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا وَأَمَّا إرْثُ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِ فِي بِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا بِأَنْ نَكَحَ ابْنُ ابْنِ الْمَيِّتِ بِنْتَ ابْنِهِ الْآخَرِ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا فَلِإِدْلَائِهِ بِأَبِيهِ لَا بِأُمِّهِ وَخَرَجَ بِالْمُدْلِي بِغَيْرِهِ الْمُدْلِي بِنَفْسِهِ أَيْ وَلَيْسَ مُعْتِقًا وَهُوَ الْأَبَوَانِ وَالزَّوْجَانِ وَالِابْنُ، وَالْبِنْتُ فَلَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ حَجْبَ حِرْمَانٍ.
(وَكُلَّ جَدَّةٍ) مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ (فَبِالْأُمِّ اُحْجُبْ) كَمَا يُحْجَبُ بِالْأَبِ كُلُّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُبُوَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: لِأَنَّ الْجَدَّاتِ يَرِثْنَ السُّدُسَ الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ الْأُمُّ فَإِذَا أَخَذَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ وَمَا قَالَهُ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَكُلُّ مَنْ أَدْلَى بِغَيْرٍ عُطِّلَا بِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَتِهِ إذَا لَمْ تُدْلِ بِالْقُرْبَى كَأُمِّ أَبِ الْأَبِ وَهُوَ وَجْهٌ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا تَحْجُبُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ.
(وَاحْجُبْ بِقُرْبَى الْأُمِّ) مِنْ الْجَدَّاتِ كَأُمِّ أُمٍّ (بُعْدَى لِأَبِ) مِنْهُنَّ كَأُمِّ أَبِ أَبٍ كَمَا تُحْجَبُ بِالْأُمِّ أُمُّ الْأَبِ بِخِلَافِ بُعْدَى الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ لَا تُحْجَبُ بِقُرْبَى الْأَبِ كَأُمِّ أَبٍ عَلَى أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُحْجَبْ بِالْأَبِ فَبِأُمِّهِ الْمُدْلِيَةِ بِهِ أَوْلَى فَتَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ وَقُرْبَى جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ تَحْجُبُ بُعْدَى جِهَةِ آبَائِهِ كَأُمِّ أُمِّ أَبِي أَبٍ وَأُمِّ أَبِي أَبِي أَبٍ وَهَلْ تَحْجُبُ قُرْبَى جِهَةِ آبَاءِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي أَبٍ بُعْدَى جِهَةِ أُمَّهَاتِهِ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ كَذَا فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَلِإِدْلَائِهِ بِأَبِيهِ إلَخْ) أَيْ فَإِرْثُهُ مَعَ أُمِّهِ مِنْ جَدِّ أَبِيهِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَنْ أَدْلَى بِغَيْرٍ عَطَّلَا وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَلَدُ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ وَأُمَّهُ وَرِثَا مِنْ الْجَدِّ بِالْبُنُوَّةِ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَوَابِ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ نَظَرْنَا إلَى إدْلَاءِ هَذَا الْوَلَدِ بِأُمِّهِ إلَى جَدِّهِ الْمَذْكُورِ كَانَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ بَنَاتِ الِابْنِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّ الْقُرْبَى إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ أَنَّهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُدْلِ إلَخْ) أَمَّا بُعْدَى جِهَةِ الْأُمِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
[الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ نُقْصَانٍ وَحَجْبُ حِرْمَانٍ]
قَوْلُهُ: حَجْبَ نُقْصَانٍ) هُوَ إمَّا بِالِانْتِقَالِ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ كَالْأُمِّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ أَوْ إلَى تَعْصِيبٍ كَالْبِنْتِ مَعَ أَخِيهَا أَوْ مَعَ تَعْصِيبٍ إلَى تَعْصِيبٍ كَالْأَخِ أَوْ إلَى فَرْضٍ كَالْجَدِّ أَوْ مُزَاحَمَةٍ فِي فَرْضٍ كَالْبَنَاتِ أَوْ فِي التَّعْصِيبِ كَالْأَخَوَاتِ مَعَهُنَّ فَهَذِهِ سِتَّةٌ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. وَمِنْ الِانْتِقَالِ إلَى الْمُزَاحَمَةِ وَلَدُ الْأُمِّ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ السُّدُسِ إلَى مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ فِي الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَنْ أَدْلَى إلَخْ) وَمِنْهُ أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أَبِيهِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. اهـ. شَرْحُ الْكَشْفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْجَبُ بِهَا وَإِنْ أَدْلَى بِهَا) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَوْلَادُ الْأُمِّ يُخَالِفُونَ غَيْرَهُمْ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ فَيَرِثُونَ مَعَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ وَيَرِثُ ذَكَرُهُمْ الْمُنْفَرِدُ كَأُنْثَاهُمْ الْمُنْفَرِدَةِ وَيَتَقَاسَمُونَ بِالسَّوِيَّةِ وَذَكَرُهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ وَيَحْجُبُونَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ نَظِيرٌ (قَوْلُهُ اتِّحَادُهُ إلَخْ) أَيْ وَالْأُمُّ لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأُمُومَةِ وَهُوَ بِالْأُخُوَّةِ وَلَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لَوْ انْفَرَدَتْ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَكُلُّ جَدَّةٍ فَبِالْأُمِّ اُحْجُبْ) أَمَّا الْأَبُ فَإِنَّمَا يَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِعَصَبَةٍ فَلَا تَرِثُ مَعَهُ كَالْجَدِّ وَابْنِ الِابْنِ، أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَلَا يَحْجُبُهَا قَرِيبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيدَةً بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ هُنَا) أَيْ مِنْ تَخْصِيصِ حَجْبِ كُلِّ جَدَّةٍ بِالْأُمِّ الْمُفِيدِ أَنَّ غَيْرَهَا كَأُمِّ الْأَبِ لَا تَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ وَإِفَادَةُ مَا سَبَقَ أَنَّهَا إنَّمَا تَحْجُبُ مَنْ أَدْلَى بِهَا كَأُمِّهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ غَايَةَ مَا يُفِيدُهُ مَا سَبَقَ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِغَيْرِ عُطْلَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُدْلِ بِهِ فَقَدْ يُعَطِّلُهُ، وَقَدْ لَا يُعَطِّلُهُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: بُعْدَى لِأَبٍ) مِثْلُهَا بُعْدَى لِأُمٍّ كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ كَمَا فِي الْكَشْفِ اهـ. لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ مَنْ أَدْلَى بِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُحْجَبْ إلَخْ) عَلَّلَ فِي الْكَشْفِ بِأَنَّ الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ هِيَ الْأَصْلُ فَفِيهَا قُوَّةُ الْأَصَالَةِ وَاَلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فِيهَا قُوَّةُ الْقُرْبِ فَاسْتَوَيَا فَيُقْسَمُ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ اهـ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَصَالَةِ أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ مَنْ يَحْجُبُ كُلَّ جَدَّةٍ وَهِيَ الْأُمُّ (قَوْلُهُ: تَحْجُبُ بُعْدَى جِهَةِ آبَائِهِ) خَرَجَ الْمُسَاوِيَةُ كَأُمِّ أَبِي أَبٍ (قَوْلُهُ: الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ) أَيْ فِي أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ الْأَبِ هَلْ