وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ قَبْلَ نِكَاحِهَا وإلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ تَخَيَّرَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالتَّمَتُّعِ وَتَبِعَ فِي تَخْيِيرِهِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَدْ قَدَّمْته عَنْهُ فِي الْخِيَارِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا هُوَ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ بِهِ التَّمَتُّعُ فَلَهَا النَّفَقَةُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي نِكَاحِهِ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ إبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ كَمَا مَرَّ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهَا فِي نِكَاحِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.
(بَابُ الْحَضَانَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ فَإِنَّ الْحَاضِنَةَ تَرُدُّ إلَيْهِ الْمَحْضُونَ وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالتَّمْيِيزِ وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ فَتُسَمَّى كَفَالَةً كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ تُسَمَّى حَضَانَةً أَيْضًا، وَهِيَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِهِ وَتَرْبِيَتُهُ بِمَا يُصْلِحُهُ
وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا الْإِنَاثُ لَكِنَّهَا بِهِنَّ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُنَّ أَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا وَفِي الْخَبَرِ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَلِلْحَاضِنِ شُرُوطٌ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (الشَّرْطُ فَقْدُ الرِّقِّ لِلْمُحْتَضِنِ) فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ رِضَاهُ وَإِذْنُهُ فَقَدْ يَرْجِعُ فَيَتَشَوَّشُ أَمْرُ الْوَلَدِ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ لِكَافِرٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا مَا لَمْ تَنْكِحْ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ فَرَاغَهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا مَعَ وُفُورِ شَفَقَتِهَا.
(وَالْعَقْلُ) فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ جُنُونٌ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وَيَقِلَّ زَمَنُهُ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَهُوَ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَفِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ مَرِيضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَنْ بِهِ سُلٌّ أَوْ فَالِجٌ إنْ شَغَلَهُ أَلَمُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِهِ فَإِنْ أَثَّرَ فِي مُجَرَّدِ عُسْرِ الْحَرَكَةِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَذَلِكَ فِيمَنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ بِنَظَرِهِ، وَلَا حَضَانَةَ لِأَبْرَصَ وَأَجْذَمَ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الْعَلَائِيِّ لِخَبَرِ «لَا يُورَدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ» وَلَا لِأَعْمَى كَمَا أَفْتَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَمِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَاسْتَنْبَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ، ثُمَّ قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
بَابُ الْحَضَانَةِ
[حاشية الشربيني]
رَقِيقَةً سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا أَيْضًا فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِمَنْ أَجَابَهُ سَيِّدُهَا مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً وَالْوَلَدُ رَقِيقًا كَمَا فِي الْمُوصَى بِأَوْلَادِهَا فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ لِغَيْرِهِ. اهـ. بِتَوْضِيحٍ وَزِيَادَةٍ مِنْ ع ش رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَوْلُهُ بِمَنْ أَجَابَهُ سَيِّدُهَا قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ إذَا طَلَبَتْ الْأُمُّ الْإِرْضَاعَ الْمُنَقِّصَ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَأَبَى الزَّوْجُ وَوَافَقَهَا السَّيِّدُ. اهـ. وَقَالَ م ر فِي بَابِ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ لَيْسَ لِلْيَدِ مَنْعُهَا مِنْ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ كَأَنْ أَوْصَى بِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ أَمَّا هُوَ فَلَا. اهـ. وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِمَنْ أَجَابَهُ سَيِّدُهَا إلَّا أَنْ يُخَصَّ إذَا كَانَ رَقِيقًا بِمَا إذَا كَانَ رَقِيقًا لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ أَيْ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا هُوَ إلَخْ) مُقْتَضَى فَرْضِ ذَلِكَ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَدَمُ سُقُوطِ النَّفَقَةِ إذَا تَبَرَّعَتْ مَعَ نَقْصِ تَمَتُّعِهِ بِهَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ
[بَابُ الْحَضَانَةِ]
(بَابُ الْحَضَانَةِ) (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ) كَذَا فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ حَضَنَ الصَّبِيَّ حَضْنًا وَحِضَانَةً بِالْكَسْرِ جَعَلَهُ فِي حَضْنِهِ أَوْ رَبَّاهُ كَاحْتَضَنَهُ. اهـ. تُحْفَةٌ وَقَوْلُهُ حَضْنًا أَيْ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى مَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي مَصْدَرِ الثُّلَاثِيِّ الْمُتَعَدِّي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقَالَ: غَيْرُهُ إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ وم ر الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ نَعَمْ يَأْتِي أَنَّ مَا بَعْدَ التَّمْيِيزِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي التَّخْيِيرِ وَتَوَابِعِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْكِحْ) فَإِنْ نَكَحَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا لَا لِلْأَبِ لِكُفْرِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وَيَقِلَّ) قَالَ م ر وَيُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِوَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَبْرَصَ وَأَجْذَمَ) أَيْ إنْ خَاطَهُ لِمَا يَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْعَدْوَى وَمَعْنَى الْعَدْوَى أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ بِذَاتِهَا وَإِنَّمَا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ كَثِيرًا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute