للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّهُ عَزَلَهُ لَكِنْ لَهُ التَّأْخِيرُ بِعُذْرِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ (كَالْحُكْمِ فِي ثَوْبٍ هَوَى) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ سَقَطَ بِنَحْوِ أَثَارَهُ الرِّيحُ (فِي مَسْكَنِهْ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ مَالِكُهُ لِأَنَّ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةَ تَنْتَهِي بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَلَا تَسْتَمِرُّ إلَى الطَّلَبِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ فِيمَا ذُكِرَ التَّخْلِيَةُ

(وَضَامِنٌ) أَيْ وَيَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ (آخِذُهَا مِنْ السَّفِيهْ، وَالطِّفْلِ) لِتَقْصِيرِهِ بِالْأَخْذِ مِمَّنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلْإِيدَاعِ (لَا إنْ كَانَ) أَخْذُهُ لَهَا (لِلْحِسْبَةِ فِيهْ) أَيْ فِي أَخْذِهَا صَوْنًا لَهَا عَنْ ضَيَاعِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا كَمُحْرِمٍ أَخَذَ صَيْدًا مِنْ جَارِحِهِ لِيَتَعَهَّدَهُ فَتَلِفَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا الْبَيْتِ ضَمِنَ بِأَخْذِهَا مِنْ السَّفِيهِ، وَالطِّفْلِ لَا لِلِاحْتِسَابِ فِيهِ وَهَاءُ الرَّوِيِّ سَاكِنَةٌ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى مَكْسُورَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (وَضَمِنَا) أَيْ السَّفِيهُ، وَالطِّفْلُ (إنْ أَتْلَفَا الْوَدِيعَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي اسْتَوْدَعَاهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلِاسْتِحْفَاظِ وَانْتِفَاءِ التَّسْلِيطِ عَلَى الْإِتْلَافِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَا مَالَ غَيْرِهِمَا بِلَا اسْتِيدَاعٍ وَلَا تَسْلِيطٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُمَا إذْ لَيْسَ عَلَيْهِمَا حِفْظُهَا (لَا) إنْ أَتْلَفَا (الْقَرْضَ) أَيْ الْمُقْرَضَ (وَالْمَوْهُوبَ وَالْمَبِيعَا) مِنْهُمَا فَلَا يَضْمَنَانِهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا تَمْلِيكٌ وَتَسْلِيطٌ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِهْلَاكِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسَلَّطُ رَشِيدًا وَإِلَّا فَيَضْمَنَانِهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَجْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَالسَّفِيهِ وَالطِّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالتَّصْرِيحُ بِالْمَوْهُوبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (قُلْتُ وَمِمَّا قَالَ شَيْخِي) الْبَارِزِيُّ (يَنْبَغِي فِي نَحْوِ جِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ وَمَا) عُصِرَ (بِقَصْدِ الْخَلِّ مِنْ جِرْيَالِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الْخَمْرِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ اخْتِصَاصٌ وَلَيْسَ بِمَالٍ (تَجْوِيزُنَا إيدَاعُهُ كَالْمَالِ) وَقَدْ شَمِلَهُ قَوْلُ الْوَسِيطِ الْوَدِيعَةُ كُلُّ مَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ الْحَافِظَةُ وَمَنَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنَّ ذَلِكَ كَالْمَالِ قَالَا لِأَنَّ حُكْمَ الْوَدِيعَةِ الْأَمَانَةُ، وَالضَّمَانُ بِالتَّقْصِيرِ وَهَذَا لَا يَضْمَنُ إذَا تَلِفَ وَهَذَا اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ إذْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ كَالْمَالِ لَا يُرِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَلَفِهِ كَالْمَالِ بَلْ يُرِيدُ أَنَّهُ يَصِحُّ إيدَاعُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ مَا دَامَ بَاقِيًا كَمَا فِي الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ لَا يَضْمَنُ (خَاتِمَةٌ)

قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَسْلَفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ

(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

الْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقِيلَ يَقَعُ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إذْ أُفْرِدَ فَإِنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَقَعُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَمِنْ هَذَيْنِ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الْفَيْءِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] الْآيَتَيْنِ وَبَدَأَ النَّاظِمُ بِالْفَيْءِ وَتَخْمِيسِهِ مُكْتَفِيًا عَنْ ذِكْرِ لَفْظِهِ بِتَعْرِيفِهِ فَقَالَ (خُمْسُ الَّذِي يَحْصُلُ) لِلْمُسْلِمِينَ (مِنْ كُفَّارِهِمْ) بِلَا

ــ

[حاشية العبادي]

عَنِّي لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ لَكِنْ لَوْ سَأَلَ التَّحْلِيفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ كَالْغَاصِبِ اهـ قَوْلُهُ: قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْجُحُودِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ أَيْ وَكَذَا التَّلَفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ سَأَلَ التَّحْلِيفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَ كَالْغَاصِبِ أَيْ سَوَاءٌ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ وَإِضَافَتُهُ لِمَا قَبْلَ الْجَحْدِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَوِيَّةٌ مَعَ احْتِمَالِ النِّسْيَانِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: إنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَحَدَ مُجَرَّدَ اللُّزُومِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ ادَّعَى وُقُوعَ التَّلَفِ قَبْلَ الْجَحْدِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلَ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِلشِّهَابِ لَا يَمِينُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ عَلَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ أَيْ قَبْلَ الْجُحُودِ إنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُنْكِرْ أَصْلَ الْإِيدَاعِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى ذَلِكَ اهـ بِاخْتِصَارٍ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ بَعْدَ الْجُحُودِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَغْرَمُ الْبَدَلَ لِخِيَانَتِهِ بِهِ اهـ أَمَّا لَوْ ادَّعَى وُقُوعَ التَّلَفِ بَعْدَ الْجَحْدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَضَامِنٌ أَخَذَهَا مِنْ السَّفِيهِ، وَالطِّفْلِ) أَيْ، وَالْمَجْنُونِ وَلَا يَزُولُ ضَمَانُهُ إلَّا بِرَدِّهَا إلَى مَالِكِ أَمْرِهِمْ أَوْ بِإِتْلَافِهِمْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَا يُمْكِنُ إحْبَاطُهُ وَتَضْمِينُهُمْ مَالَ أَنْفُسِهِمْ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ الْبَرَاءَةُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّبِيِّ وَيُقَاسُ بِهِ الْبَاقِي مَا عَدَا الْقِنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: مِنْ السَّفِيهِ) ، وَالطِّفْلِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْقِنِّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْتَحِقُ بِهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ م ر

{بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ} (قَوْلُهُ مِنْ كُفَّارِهِمْ) لَعَلَّ الْإِضَافَةَ بِاعْتِبَارِ الْمُقَابَلَةِ أَوْ الْمُعَادَاةِ أَوْ الْمُقَاتَلَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّلَفِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مَا أَنْكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَوِيَّةٌ يَتَرَجَّحُ لِقُوَّتِهَا احْتِمَالُ النِّسْيَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ أَقْبَحُ فَغَلَّظَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ أَخَذَهُ لَهَا لِلْحِسْبَةِ) فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْكُهَا حِينَئِذٍ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهَا لِمَالِكِ الْأَمْرِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِ أَمْرِهَا ضَمِنَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا إلَخْ) الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لِيَكُونَ كَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الِاسْتِيدَاعِ، وَالتَّسْلِيطِ تَأَمَّلْ

[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>