للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُلَازَمَةٍ، أَوْ دِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ اسْتِمَالَةٍ، بَلْ يَقْصِدُ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ الِانْتِظَارِ أَرْبَعَةٌ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا كُرِهَ الِانْتِظَارُ كَمَا عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَغَيْرُهُمَا لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ، لَكِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْتَظِرُ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ، وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الِانْتِظَارِ بِأَنْ يَشُقَّ بِهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ، وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ لَوْ وُزِّعَ عَلَى كُلِّ الصَّلَاةِ.

(فَرْعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ، وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ، وَلَا يَنْتَظِرُهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ (وَعُذْرُ تَرْكِهَا) أَيْ: الْجَمَاعَةِ (وَتَرْكِ الْجُمُعَهْ حَقْنٌ) بِالنُّونِ لِلْبَوْلِ وَحَقْبٌ بِالْبَاءِ لِلْغَائِطِ وَحَزْقٌ لِلرِّيحِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْحَقْنِ مَا يَعُمُّ الثَّلَاثَةَ وَقِيلَ: الْحَزْقُ لِلْخُفِّ فَيَبْدَأُ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» ، وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ: «لَا صَلَاةَ» أَيْ: كَامِلَةً وَالْمَعْنَى فِيهِ إذْهَابُ الْخُشُوعِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ بِكُلِّ مُشَوَّشٍ يُؤَخِّرُ بِهِ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ (وَلَكِنْ) مَحَلَّهُ (حَيْثُ) كَانَ (فِي الْوَقْتِ سَعَهْ) فَإِنْ ضَاقَ لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَمَطَرٌ) يَشُقُّ بِحَيْثُ يَبُلُّ الثِّيَابَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ لَمْ يُعْذَرْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالثَّلْجُ عُذْرٌ إنْ بَلَّ الثِّيَابَ وَإِلَّا فَلَا (وَمَرَضٌ) يَشُقُّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا وَكَذَا لِلْمُنْفَرِدِ مَعَ إطْلَاقِهِ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ يَقْتَضِي رُجُوعَهَا لِلْمُنْفَرِدِ أَيْضًا، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَضَرَرُ الْحَاضِرِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ قَاصِرَةً، وَمَالَ م ر لِهَذَا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لِمُلَازَمَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُمَيِّزُ (قَوْلُهُ: وَضَرَرُ الْحَاضِرِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحَسَّ الْمُنْفَرِدُ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَيُسَنُّ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ طَالَ إذْ لَا تَضَرُّرَ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لَهُ غَرَضٌ فِي الِانْتِظَارِ إلَّا إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ، أَوْ الْفَضِيلَةِ. ا. هـ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ دِينٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا ع ش؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ لِلدِّينِ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ لِلَّهِ لَكِنْ فِيهِ تَمْيِيزٌ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَقْصِدُ بِهِ التَّقَرُّبَ) أَيْ: بِخُصُوصِ الْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) أَيْ: الْمَعْلُومَةُ بِمَا ذَكَرَهُ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَرْبَعَةٌ أُخَرُ، وَيُزَادُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فَرْضًا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، أَوْ نَفْلًا كَذَلِكَ. ا. هـ وَأَنْ يَكُونَ الِانْتِظَارُ لِلَّهِ فَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لَكِنْ انْتَظَرَهُمْ لِغَيْرِ اللَّهِ كُرِهَ. (قَوْلُهُ: كُرِهَ الِانْتِظَارُ) مُقَابَلَتُهُ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ أَيْ: الْإِبَاحَةِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مُقَابَلَتُهُ لِلنَّدْبِ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ فَلِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ تُشْبِهُ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ طَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لِلْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَعَدَمِهِ وَطَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لَهُ فِي الْإِبَاحَةِ، وَعَدَمِهَا كَمَا فِي شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ: مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَهُمَا وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ آخَرُ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ لَهُ انْتِظَارُهُ قَائِمًا، وَبِهِ جَزَمَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَمِثْلُهُ الْوَاقِفُ الْمُتَخَلِّفُ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِفَوْتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ. ا. هـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ) أَيْ: مَعَ عَوْدِ بَرَكَةِ الِانْتِظَارِ لِلَّهِ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَلَا يُقَالُ: إذَا انْتَظَرَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَالْحَاجَةُ مَوْجُودَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْحَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِينَ. ا. هـ بج. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى مَا تَقَدَّمَ) لَا يُقَالُ: يُعَارِضُهُ الْأَمْرُ بِالتَّخْفِيفِ فَيَرْجِعُ لِلْأَصْلِ لِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ لَتَعَارُضِهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ التَّخْفِيفِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ، وَالِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ لَا يَشُقُّ. ا. هـ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) رُدَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَى لَمْ تَصِحَّ بِدَلِيلِ حِكَايَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَيْنِ. ا. هـ شَرْحُ م ر

[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

(قَوْلُهُ: وَعُذْرُ تَرْكِهَا إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَازِمًا عَلَى فِعْلِهَا لَوْلَا وُجُودُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قِيلَ فِي الْمَرِيضِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْعَزْمِ لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ فَعَلَهَا، وَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ الثَّوَابُ الْكَامِلُ وَيُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا. ا. هـ ش ق. وَقَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِهَا أَيْ: كُلًّا، أَوْ بَعْضًا ع ش. (قَوْلُهُ: لِلْخُفِّ) أَيْ: ضِيقِ الْخُفِّ. (قَوْلُهُ: إذْهَابُ الْخُشُوعِ) أَيْ: لِعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ الْخُشُوعُ وَالْجَمَاعَةُ قُدِّمَتْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر بَعْدَ ذِكْرِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ، وَالْجُوعِ، وَالْعَطَشِ وَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْذَرْ بِذَلِكَ) أَيْ: فِي تَرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>