إذَا تَعَدَّدَتْ جَائِفَةٌ) وَمُوضِحَةٌ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ: (وَمَا بِإِيضَاحٍ بَدَتْ) أَيْ: وَجِرَاحَةٌ ظَهَرَتْ بِإِيضَاحٍ سَوَاءٌ تَعَدَّدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مِنْ فَاعِلٍ) أَيْ: بِتَعَدُّدِ فَاعِلٍ وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَوْضِعُ، وَالْحُكْمُ، وَالصُّورَةُ بِأَنْ أَجَافَ، أَوْ أَوْضَحَ وَاحِدٌ وَوَسَّعَ آخَرُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ أَجَافَا، أَوْ أَوْضَحَا مَعًا فَلَا يَجِبُ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ (أَوْ مَوْضِعٍ) وَإِنْ اتَّحَدَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعِ كَأَنْ أَجَافَ بَطْنَهُ وَدِمَاغَهُ، أَوْ أَوْضَحَ رَأْسَهُ فَنَزَلَتْ إلَى جَبْهَتِهِ وَلَوْ بِشُمُولِ الْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَتْ إلَى قَفَاهُ لَا تَعَدُّدَ بَلْ يَجِبُ مَعَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ حُكُومَةٌ لِلْقَفَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَهُ بِسِنَانٍ فَنَفَذَ إلَى ظَهْرِهِ فَجَائِفَتَانِ (أَوْ حُكْمِ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْبَقِيَّةُ كَأَنْ أَجَافَهُ جَائِفَةً بَعْضُهَا عَمْدٌ وَبَعْضُهَا خَطَأٌ وَأَوْضَحَهُ كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ.
(أَوْ صُورَةٍ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْبَقِيَّةُ كَأَنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ، أَوْ أَجَافَهُ جَائِفَتَيْنِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهُ بِمِشْقَصٍ لَهُ طَرَفَانِ (بِحَاجِزٍ مِنْ لَحْمٍ وَجِلْدَةٍ بَيْنَ الْجِرَاحَتَيْنِ) أَيْ الْجَائِفَتَيْنِ، أَوْ الْمُوضِحَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا لَحْمٌ، أَوْ جِلْدٌ فَلَا تَعَدُّدَ لِشُمُولِ الْجِنَايَةِ الْمَوْضِعَ كَمَا لَوْ اسْتَوْعَبَتْهُ بَلْ أَوْلَى وَتَعْبِيرُهُ فِيمَا ذُكِرَ بِأَوْ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْوَاوِ فَإِنَّ أَحَدَهَا كَافٍ فِي التَّعَدُّدِ (لَا إنْ رُفِعَ الْفَاعِلُ) لِلْجِنَايَةِ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبُرْءِ (أَوْ تَأَكَّلَا) أَيْ: الْحَاجِزُ فَلَا تَعَدُّدَ أَمَّا فِي الرَّفْعِ فَكَمَا لَوْ رَفَعَ الْجَمِيعَ ابْتِدَاءً وَهَذَا كَتَدَاخُلِ الدِّيَاتِ إذَا قَطَعَ الْأَطْرَافَ، ثُمَّ جَزَّ الرَّقَبَةَ قَبْلَ الْبُرْءِ وَأَمَّا فِي التَّآكُلِ؛ فَلِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَهُ بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ رَفَعَهُ غَيْرُ الْجَانِي فَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ وَكَذَا رَفْعُهُ هُوَ خَطَأً وَكَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِخِلَافِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ هُدِرَ فِعْلُهُ وَلَزِمَ الْجَانِي أَرْشَانِ وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي مُوضِحَتَيْنِ فَرَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا عَادَتَا إلَى وَاحِدَةٍ فِي حَقِّ الرَّافِعِ دُونَ الْآخَرِ
(وَبِالْيَمِينِ قُلْت مَعَ إمْكَانِ بِأَنَّهُ) بِزِيَادَةِ بَاءٍ بِأَنَّهُ أَيْ وَيَثْبُتُ لِلْجَرِيحِ بِيَمِينِهِ أَنَّ رَفْعَ الْحَاجِزِ كَانَ (حِينَ بَرَى) ، وَقَدْ أَمْكَنَ رَفْعُهُ حِينَئِذٍ (أَرْشَانِ) فِيمَا لَوْ قَالَ جَارِحُهُ: رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبُرْءِ فَعَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ وَقَالَ هُوَ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا وَعَدَمُ التَّدَاخُلِ وَلَا يَجِبُ لَهُ ثَالِثٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ بِحَلِفِهِ؛ وَلِأَنَّ حَلِفَهُ دَافِعٌ لِلنَّقْصِ عَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
أَرْشُ الْأُنْمُلَةِ مُقَابِلًا لِجَمِيعِهَا مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ أَشْكَلَ هَذَا التَّمْثِيلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ
(قَوْلُهُ: بِإِيضَاحٍ) أَيْ: مُتَلَبِّسَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وُجُوبَ أَرْشَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْشٌ كَامِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ) كَذَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْبَغَوِيّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَقَدْ اعْتَمَدَ مُقْتَضَاهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لِمُخَالَفَتِهِ مَا فِي أَصْلِهَا مِنْ صَوَابِ النَّقْلِ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَآكَلَا) وَلَوْ بِتَأَكُّلِ الْجِلْدِ، أَوْ اللَّحْمِ فَقَطْ بِرّ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ) أَيْ: عَلَى الْجَانِي الرَّافِعِ فِي الْأُولَى وَ، أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَاثْنَانِ عَلَى الْجَانِي، وَالثَّالِثُ عَلَى الرَّافِعِ وَكَانَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الرَّافِعَ أَرْشَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَسِعَ مُوَضِّحَتَيْ غَيْرِهِ بِرَفْعِهِ الْحَاجِزَ، وَتَوْسِعَةُ كُلِّ مُوضِحَةٍ فِيهِ أَرْشٌ كَامِلٌ كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا صَارَتْ الْمُوَضِّحَتَانِ بِرَفْعِ الْحَاجِزِ وَاحِدَةً فِي الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَانِي لَمْ يَعُدْ رَفْعُ الْحَاجِزِ تَوْسِيعًا لِاثْنَتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةٌ لِضَعْفِ التَّعَدُّدِ الْحُكْمِيِّ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِهَذَا عَدَمُ تَعَدُّدِ الْأَرْشِ عَلَى الرَّافِعِ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي مُوضِحَتَيْنِ مَعَ رَفْعِ أَحَدِ الْجَانِيَيْنِ الْآتِيَةِ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِيمَا لَوْ أَوْضَحَاهُ مَعًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْشٌ كَامِلٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُجِيبَ هُنَا أَرْبَعَةُ أُرُوشٍ عَلَى كُلٍّ أَرْشَانِ، أَمَّا الْآخَرُ فَلِبَقَاءِ التَّعَدُّدِ فِي حَقِّهِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُوضِحَتَيْنِ فَعَلَيْهِ لِشَرِكَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْشٌ كَامِلٌ، وَأَمَّا الرَّافِعُ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَكِنَّهُ بِالرَّفْعِ قَدْ وَسَّعَ مُوضِحَةَ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشٌ كَامِلٌ مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ وَأَرْشٌ كَامِلٌ مِنْ جِهَةِ التَّوْسِيعِ فَإِنْ قِيلَ: التَّوْسِيعُ وَقَعَ هُنَا تَبَعًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ قُلْنَا، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِ تَبَعًا أَنَّهُ لَزِمَ مِنْ رَفْعِ الْحَاجِزِ فَكُلُّ تَوْسِيعٍ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ إزَالَةِ الْجُزْءِ الْمُجَاوِرِ لِلْمُوضِحَةِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْغَرَضُ فَكُلُّ تَوْسِيعٍ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَكَذَا هَذَا فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ التَّفْرِقَةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَوْ سَلَّمْنَا هَذَا فَلْيَجِبْ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ عَلَى الرَّافِعِ وَأُخِذَ وَعَلَى الْآخَرِ اثْنَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نِصْفُ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) الْمُوَافِقُ لِوُجُوبِ أَرْشٍ كَامِلٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُوضِحَيْنِ مَعًا أَنَّ عَلَيْهِ أَرْشًا كَامِلًا م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْآخَرِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشَانِ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ لَهُ ثَالِثٌ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ، وَالثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى يَمِينِ الرَّدِّ اهـ.
أَيْ:
[حاشية الشربيني]
الْأُخْرَى بِتَمَامِهَا
[فَرْعٌ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ وَالْمِيمَ]
(قَوْلُهُ: وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ) مُعْتَمَدٌ م ر خِلَافًا لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: دَافِعٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute