للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْحَاوِي، وَلَا بُدَّ مِنْهَا، فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ، إلَّا بِنِيَّةِ التَّحْرِيمِ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ

. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ أَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَوْ إمَاءٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ اُكْتُفِيَ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، (وَكَالْعِبَارَهْ مِنْ نَاطِقٍ لِلْأَخْرَسِ الْإِشَارَهْ) أَيْ: وَالْإِشَارَةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ، فَيَصِحُّ الطَّلَاقُ بِهَا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ، (كَكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ) مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِمَا، (وَمَا يَحُلْ) بِهَا مِنْ عِتْقٍ وَإِقَالَةٍ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، نَعَمْ إشَارَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَبِالشَّهَادَةِ وَبِالْكَلَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لَيْسَتْ كَالْعِبَارَةِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَصِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَوُقُوعِ الْحِنْثِ.

(أَمَّا الصَّرِيحُ) مِنْ إشَارَتِهِ (فَهْوَ مَفْهُومٌ) أَيْ الْمَفْهُومُ (لِكُلِّ) أَحَدٍ (وَمَا كَنَى) أَيْ: وَكِنَايَته بِالْإِشَارَةِ هُوَ الْمَفْهُومُ (لِفَطِنٍ) أَيْ ذَكِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَفْهُومِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَلَوْ ادَّعَى بِإِشَارَتِهِ الصَّرِيحَةِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا الطَّلَاقَ، كَانَ كَالنَّاطِقِ إذَا ادَّعَى بِالصَّرِيحِ ذَلِكَ. أَمَّا إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ وَلَا كِنَايَةٍ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ، إذْ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْإِفْهَامُ، إلَّا نَادِرًا، وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ.

(وَإِنْ صُرِفْ) أَيْ صَحَّ الطَّلَاقُ بِمَا مَرَّ، وَإِنْ صُرِفَ (لِجُزْءٍ) شَائِعٍ لِلْمَرْأَةِ كَقَوْلِهِ: بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ نِصْفُك أَوْ ثُلُثُك أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ، بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، (أَوْ رُوحٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، وَكَذَا إنْ قَالَ: حَيَاتُك طَالِقٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ، وَفِي التَّهْذِيبِ يَقَعُ إنْ أَرَادَ الرُّوحَ (وَعُضْوٍ) أَيْ: وَالْجُزْءُ مُعَيَّنٌ أَوْ مُبْهَمٌ (كَكَتِفْ) وَيَدٍ، وَلَوْ زَائِدَةً وَقَلْبٍ (وَشَعْرِهَا) وَسِنِّهَا وَظُفْرِهَا (وَدَمِهَا) وَشَحْمِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى، وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ، فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ.

وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِدَمِهَا رُطُوبَةَ بَدَنِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ: إيقَاعُهُ عَلَى الْجُزْءِ إيقَاعٌ عَلَى الْجَمِيعِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَدُك طَالِقٌ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي، (لَا) إنْ صُرِفَ إلَى (فَضْلَهْ) مِنْهَا كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَلْغَمٍ وَمُرَّةٍ وَمَنِيٍّ وَلَبَنٍ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَالْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا، فَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ، (وَمَا بِذَاتٍ) أَيْ وَلَا إنْ صُرِفَ إلَى مَا هُوَ (قَائِمٌ) بِذَاتٍ أَيْ عُضْوٍ (فِي الْجُمْلَهْ) أَيْ: جُمْلَتِهَا كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهَا وَلَا قِوَامًا لَهُ. وَقَوْلُهُ: وَمَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) إنْ صُرِفَ (لِمَفْقُودٍ) مِنْهَا كَيَدِهَا الْمَقْطُوعَةِ (وَلَوْ) كَانَ الْفَقْدُ (مِنْ بَعْدِ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ) الطَّلَاقَ لِفُقْدَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي، كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ: نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ أَوْ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِاسْمِ ذَاتَهَا فَتَطْلُقُ.

(وَالْوُقُوعُ) لِلطَّلَاقِ (لَزِمَا فِي) قَوْلِهِ: أَنْت (طَالِقٌ فِي رَجَبٍ) مَثَلًا (إذَا اسْتَهَلْ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْئِهِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّيْءِ يَقَعُ مُقْتَرِنًا بِأَوَّلِهِ كَمَا فِي دُخُولِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ، هَذَا إذَا اسْتَهَلَّ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدٍ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ، فَالِاعْتِبَارُ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَ) لَزِمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ مِنْ نَاطِقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعِبَارَةِ، وَقَوْلُهُ: لِلْأَخْرَسِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَفْهُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرُ تَفْسِيرِهِ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ إلَّا بِقَرِينَةٍ. (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُ الْمَفْهُومِ) أَيْ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ: وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ فَكِنَايَةٌ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي الْإِسْعَادِ حَجَرٌ، إذْ لَا يَقْصِدُ بِهَا الْإِفْهَامَ، فَلَوْ قَالَ مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ: امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَاهُمَا وَقَالَ: أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ مِنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ الرُّوحَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ التَّهْذِيبِ جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْإِنْسَانِ أَوْ أَطْلَقَ بِرّ. وَعَدَمُ الْوُقُوعِ فِي الْإِطْلَاقِ بَيَّنَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالتَّهْذِيبِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَشَحْمِهَا) وَكَذَا سِمَنُهَا كَمَا فِي الرَّوْضِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ م ر. (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ قَصَدَ التَّجَوُّزَ وَاسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الَّذِي أَتَى بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَجَازًا، فَلَا يَبْعُدُ الْوُقُوعُ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَضْلَةً أَوْ مَعْنًى حَيْثُ تَحَقَّقَتْ الْعَلَاقَةُ، بَلْ وَإِنْ فَقَدَ مَدْلُولَهُ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّجَوُّزِ وُجُودُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ لِفُقْدَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمَرْفِقِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَلَعَلَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمَطْلَعُ (فَرْعٌ) تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ الْآنَ لَيْلَةُ غَدٍ عَلَى اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ لَهُ، وَحَقِيقَتُهَا اللَّيْلَةُ السَّابِقَةُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ مَثَلًا: إنْ بِتِّ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَيْلَةَ غَدٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى لَيْلَتِهِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَقِيقَةُ لَيْلَتِهِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ التَّعْلِيقُ فِيهَا، وَقَدْ أَطْلَقَ فَالْعِبْرَةُ بِبَاقِيهَا م ر.

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فِي هَذَا الْمَكَانِ مُدَّةَ عُمُرِهِ، فَهَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ، فَلَا يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ فِي بَعْضِهِ أَوْ الْفِعْلِ مُطْلَقًا فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ عُمُرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ الْأَوَّلُ. م ر.

ــ

[حاشية الشربيني]

[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

قَوْلُهُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ حَلَفَ، وَهُوَ نَاطِقٌ أَمَّا إنْ حَلَفَ، وَهُوَ أَخْرَسُ فَفِي ظَنِّي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِشَارَتِهِ فَحَرِّرْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>