للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا فَقَالَ: (قُبَيْلَ تَسْلِيمٍ) مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ نَافِلَةً (يُسَنُّ أَنْ سَجَدْ) أَيْ: سُجُودُهُ (ثِنْتَيْنِ) لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيُلْقَ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ، وَالسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتْ الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِلصَّلَاةِ. وَالسَّجْدَتَانِ يُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيْطَانِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ

ثَبَتَ بِهِ سُنِّيَّةُ السُّجُودِ وَأَنَّهُ سَجْدَتَانِ وَأَنَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا أَفَادَهُ تَصْغِيرُ النَّاظِمِ لِقَبْلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ السُّجُودُ كَجَبْرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لِتَرْكِ وَاجِبٍ بِخِلَافِ جَبْرِ الْحَجِّ، وَيَدُلُّ لِكَوْنِهِ قَبْلَ السَّلَامِ أَيْضًا أَخْبَارٌ أُخَرُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ بُحَيْنَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الْأُولَيَيْنِ، وَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ.» وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ فَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْهَا

ــ

[حاشية العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية الشربيني]

لِقَلْبِ مَا هُوَ فِيهِ نَفْلًا مُطْلَقًا، فَلَوْ قَلَبَهُ نَفْلًا غَيْرَ مُطْلَقٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. ا. هـ م ر

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ السَّجَدَاتِ لِلسَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ]

(قَوْلُهُ: يُسَنُّ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ سُجُودُ السَّهْوِ سُنَّةً؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ سُنَّةٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جُبْرَانَ الْحَجِّ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ جُبْرَانَ الْحَجِّ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ، وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى الشَّارِحِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ. ا. هـ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِحَيْثُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ يَعْنِي: أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَصْغِيرِ قُبَيْلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طُولَ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَامِ بَلْ الْمُرَادُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ جَمِيعِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْقُرْبِ تَمَامُهُ بِأَنْ لَا يَفْصِلَ شَيْءٌ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ. ا. هـ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) أَيْ: إنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِي كَوْنِهِ فِيهِمَا لِلنَّقْصِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ لِلزِّيَادَةِ كَمَا فِي خَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُجُودَهُ بَعْدَ السَّلَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّهْوِ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ فَالسَّلَامُ قَبْلَ السُّجُودِ وَقَعَ سَهْوًا وَسُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ السَّلَامِ مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إذَا كَانَ بِالنُّقْصَانِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بِالزِّيَادَةِ فَبَعْدَهُ.

وَالشِّقُّ الثَّانِي: قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ وَعِنْدَ أَحْمَدَ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ حَدِيثٍ فِيمَا وَرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>