للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ بِنَفْسِهِ) أَيْ: لَا بِعَيْنٍ كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ (انْتَفَى التَّغَيُّرُ) أَيْ: تَغَيُّرُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَسِ (وَالْمَاءِ) أَيْ: أَوْ انْتَفَى تَغَيُّرُهُ بِالْمَاءِ النَّابِعِ فِيهِ أَوْ الْمَوْضُوعِ فِيهِ وَلَوْ نَجِسًا أَوْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَكَانَ الْبَاقِي كَثِيرًا يَطْهُرْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنَجُّسِ وَهِيَ التَّغَيُّرُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُ تَغَيُّرِهِ إذَا خَلَا عَنْ نَجَسٍ جَامِدٍ (لَا نَحْوِ التُّرَابِ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ: لَا إنْ انْتَفَى تَغَيُّرُهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ جِصٍّ وَمِسْكٍ وَمَائِعٍ وَغَيْرِهَا فَلَا (يَطْهُرُ) لِلشَّكِّ فِي انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ لِاحْتِمَالِ السَّتْرِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ صَفَا الْمَاءُ وَلَمْ يَبْقَ تَغَيُّرٌ طَهُرَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي التُّرَابِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ " يَطْهُرْ " جَوَابُ الشَّرْطِ كَمَا تَقَرَّرَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وَالْعِلَّةُ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَطْهُرُ بِانْتِفَاءِ تَغَيُّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمَيِّتٍ لَا يَسِيلُ دَمُهُ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ وَلَمَّا بَيَّنَ تَنَجُّسَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ بِالنَّجَاسَاتِ عَقَّبَهُ بِبَيَانِهَا فَقَالَ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا هَذِهِ التَّرْجَمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ تَبَعًا لِلْحَاوِي وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ النَّجَاسَةِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَوْ يَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا النَّاظِمُ بِمَا يُفِيدُ الْحَصْرَ فِي قَوْلِهِ (أَمَّا النَّجَاسَاتُ فَكُلُّ مُسْكِرِ) كَنَبِيذٍ وَخَمْرٍ وَلَوْ مُسْتَحِيلَةً فِي الْحَبَّاتِ وَمُحْتَرَمَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ: وَهِيَ مَا عُصِرَ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَفِي الرَّهْنِ: مَا عُصِرَ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ حَالَةَ عَدَمِ الْقَصْدِ، أَمَّا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَوْدُ تَغَيُّرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَائِدُ وَصْفَ النَّجَاسَةِ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّجَاسَاتِ) (قَوْلُهُ: أَوْ يَكْمُلُ إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الِانْتِفَاعِ وَالِامْتِنَانِ قَدْ يَكُونَانِ بِالنَّجَسِ فَتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْفَارِقِيُّ فَالْتَزَمَ تَنَجُّسَ الْبَحْرِ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: لِلشَّكِّ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا اُحْتُمِلَ سَتْرُ التَّغَيُّرِ بِمَا طَرَأَ كَأَنْ زَالَتْ الرَّائِحَةُ بِطَرْحِ الْمِسْكِ أَوْ الطَّعْمُ بِطَرْحِ الْخَلِّ أَوْ اللَّوْنُ بِطَرْحِ الزَّعْفَرَانِ فَلَوْ تَغَيَّرَ رِيحُ مَاءٍ وَطَعْمُهُ بِنَجَسٍ فَأُلْقِيَ زَعْفَرَانٌ أَوْ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ فَأُلْقِيَ مِسْكٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ طَهُرَ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ لَا يَسْتُرُ الرِّيحَ وَالْمِسْكَ لَا يَسْتُرُ اللَّوْنَ فَعُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا فُرِضَ انْتِفَاءُ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ عَنْ شَيْءٍ قَطْعًا كَعُودٍ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ رِيحُ الزَّعْفَرَانِ وَلَا طَعْمُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ مِسْكٌ فِي مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ فَزَالَ رِيحُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِعَدَمِ الِاسْتِتَارِ. اهـ. سِبْطُ الطَّبَلَاوِيِّ بِهَامِشِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّجَاسَاتِ وَإِزَالَتِهَا]

(قَوْلُهُ: وَإِزَالَتِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ زَادَ فِي الْمُتَرْجِمِ لَهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَا عَيْبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعْظَمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى إطْلَاقِهَا بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إطْلَاقِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي لَاقَاهُ عَيْنٌ نَجِسَةٌ بِأَنَّهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ أَيْ: تُصَحِّحُ لِمَوْصُوفِهَا الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ بِمَا حَرُمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ تَمْيِيزِهِ وَإِمْكَانِ تَنَاوُلِهِ لَا لِحُرْمَتِهِ أَوْ اسْتِقْذَارِهِ أَوْ إضْرَارِهِ بِعَقْلٍ أَوْ بَدَنٍ وَعَلَيْهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ ذُكِرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ) أَيْ: الْأَصْلُ الْأَصْلِيُّ وَمِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَيْتَةِ النَّجَاسَةُ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ بِالْمَوْتِ عَارِضَةٌ وَفِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَذَا فِي الْإِيعَابِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَصْلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحِكْمَةِ وَهِيَ مَنَافِعُ الْعِبَادِ وَكُلُّهَا لَا بُدَّ مِنْ اشْتِمَالِهَا عَلَى مَنْفَعَةٍ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُفِيدُ الْحَصْرَ) لِوُجُودِ أَلْ فِي الْمُبْتَدَأِ. (قَوْلُهُ: كَنَبِيذٍ وَخَمْرٍ) لَعَلَّ وَجْهَ تَقْدِيمِهِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ الِاهْتِمَامُ بِالرَّدِّ عَلَى وَجْهٍ شَاذٍّ عِنْدَنَا فِي إبَاحَةِ غَيْرِ الْمُسْكَرِ مِنْهُ كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) وَمِثْلُهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ هِيَ الْمُعْتَصَرَةُ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ) قَالَ حَجَرٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ إلَخْ) صَرَّحَ بِالِاحْتِرَامِ فِيمَا ذُكِرَ الرَّافِعِيَّ فِي الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اعْتَصَرَهَا مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ كَمَجْنُونٍ فَلَا تُرَاقُ عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ وَهِيَ خَمْرٌ بِخِلَافِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا صَحِيحًا وَوَجْهُ تَرْجِيحِ مَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ نَحْوَ الْعِنَبِ قَبْلَ عَصْرِهِ مُحْتَرَمٌ فَلْيَبْقَ عَلَى إبَاحَتِهِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِقَصْدٍ فَاسِدٍ. وَتَوْجِيهُ الثَّانِي بِأَنَّ الْخَمْرَ لَمَّا حَرُمَتْ كَانَ اتِّخَاذُ عَصِيرِهَا لِتَصِيرَ خَلًّا رُخْصَةً وَالرُّخْصَةُ يُحْتَاجُ فِي تَعَاطِيهَا إلَى النِّيَّةِ فَلِذَا اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْخَلِّ عِنْدَ اتِّخَاذِ الْعَصِيرِ لِتَمْتَازَ عَنْ صُورَةِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ عَصْرُهُ بِقَصْدِ الْخَمْرِ فَيُرَدُّ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَالرُّخْصَةُ كَغَيْرِهَا فِي أَنَّهَا إنْ كَانَتْ عِبَادَةً أَوْ نَحْوَهَا افْتَقَرَتْ لِلنِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا عَدَمُ الصَّارِفِ ثُمَّ الْكَلَامُ فِي خَمْرِ الْمُسْلِمِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَخَمْرُهُ مُحْتَرَمَةٌ وَلَوْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ مَا لَمْ يُظْهِرْهَا وَلَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الِاحْتِرَامِ وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>