للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّوْرِ إذَا ضَمِنَ الْمَرِيضُ بِالْإِذْنِ وَأَخَذَ الْمُسْتَحَقَّ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَمَاتَ الْأَصِيلُ وَلَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُ مَا خَرَجَ بِهَذِهِ الْقُيُودِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: أَيْ فِيهِمَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ

(خَاتِمَةٌ) لَوْ قَالَ اثْنَانِ: ضَمِنَّا مَا لَك عَلَى فُلَانٍ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِلْكُلِّ كَمَا لَوْ قَالَا: رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، أَوْ لِلنِّصْفِ كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِأَلْفٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ قَالَ: الْمُتَوَلِّي وَيُخَافُ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ، وَقَالَ بِالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْبَنْدَنِيجِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ

(بَابُ الشِّرْكَةِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُ الشِّينِ وَكَسْرُ الرَّاءِ وَإِسْكَانُهَا وَهِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ، وَشَرْعًا: ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ، وَمَقْصُودُ الْبَابِ الشَّرِكَةُ لِابْتِغَاءِ الرِّبْحِ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ «يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَمَعْنَى " أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ " أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ، وَالْإِعَانَةِ فَأُمِدُّهُمَا بِالْمَعُونَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا وَإِنْزَالِ الْبَرَكَةِ فِي تِجَارَتِهِمَا فَإِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا الْخِيَانَةُ رَفَعْتُ الْبَرَكَةَ، وَالْإِعَانَةَ عَنْهُمَا وَهُوَ مَعْنَى " خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا ".

وَالشَّرِكَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ شَرِكَةُ عِنَانٍ وَشَرِكَةُ وُجُوهٍ وَشَرِكَةُ أَبْدَانٍ وَشَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا الْأَوَّلُ وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَعَمَلٌ

وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا مَعَ زِيَادَتِهِ تَسْمِيَتَهَا فَقَالَ: (صِحَّةُ شِرْكَةِ الْعِنَانِ)

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَعَلَّهُ إلَى قَوْلِهِ: الضَّامِنُ، لَمْ أَفْهَمْهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَمِنَ الْمَرِيضُ بِالْإِذْنِ) إذْ لَوْ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا رُجُوعَ فَلَا دَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِهِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) إذْ لَوْ أَخَذَ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ أَخَذَ ثُلُثَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَلَا رُجُوعَ فَلَا دَوْرَ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ الْأَصِيلُ وَلَهُ مَالٌ لَا يَفِي إلَخْ) هَذَا يُخْرِجُ مَا لَوْ لَمْ يَمُتْ بَلْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الضَّامِنِ وَمَا لَوْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ مُطْلَقًا وَكَانَ وَجْهُ انْتِفَاءِ الدَّوْرِ فِي الثَّانِي أَنَّ الضَّمَانَ حِينَئِذٍ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ وَلَا رُجُوعَ فَلَا دَوْرَ وَفِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَصِيلُ مُوسِرًا عِنْدَ مَوْتِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا دَوْرَ، أَوْ مُعْسِرًا عِنْدَهُ فَمِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ وَلَا رُجُوعَ فَلَا دَوْرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الرَّوْضِ فَصْلُ ضَمَانِ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَإِنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ (قَوْلُهُ: بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ) إذْ لَوْ وَفَّى بِذَلِكَ وَالتَّبَرُّعُ بِثُلُثِ تَرِكَةِ الضَّامِنِ فَلَا دَوْرَ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ بِالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ) أَفَادَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَتَيْ الضَّمَانِ وَالرَّهْنِ

[بَابُ الشِّرْكَةِ]

[أَنْوَاعُ الشِّرْكَةِ]

(كِتَابُ الشَّرِكَةِ)

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ مِنْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ النَّوْعُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ الشَّرِكَةِ الَّتِي هِيَ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ: صِحَّةُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ تَحْصُلُ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ صِحَّةُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ تَحْصُلُ بِالْإِذْنِ مِنْ كُلٍّ بِأَنْ يَصَّرَّفَا، ثُمَّ قَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ نَوَيَا بِقَوْلِهِمَا " اشْتَرَكْنَا " الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَفَى وَقَوْلُهُ الْآتِي أَيْضًا: فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ: لَوْ وَرِثَا مَالًا وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ كَفَى صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمَالَ إذَا خُلِطَ وَوُجِدَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ كَانَ ذَلِكَ عَقْدَ شَرِكَةٍ وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ لِلْمِنْهَاجِ وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَإِنْ وُجِدَ الْإِذْنُ صَرِيحًا أَعْنِي عَنْ لَفْظِ الشَّرِكَةِ، هَكَذَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ اهـ يَعْنِي السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بُرُلُّسِيٌّ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَابُ الشَّرِكَةِ)

(قَوْلُهُ: الشَّرِكَةُ) هِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَشْرَكَ وَفِي الْمِصْبَاحِ شَرَّكَهُ فِي الْأَمْرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ هِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ، وَشَرْعًا: ثُبُوتُ الْحَقِّ يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الِاخْتِلَاطُ) أَيْ مُطْلَقًا شُيُوعًا، أَوْ مُجَاوَرَةً بِعَقْدٍ لَا بِدُونِهِ. اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا ثُبُوتُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بَعْدَ هَذَا: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هِيَ عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَصْدُقُ بِالْحَقِّ الْمَالِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْقِصَاصِ وَبِالثُّبُوتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْإِرْثِ، وَهَذَا الْعُمُومُ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ الثُّبُوتُ اخْتِيَارًا فِي مَالٍ. اهـ. جَمَلٌ (قَوْلُهُ: الشَّرِكَةُ لِابْتِغَاءِ الرِّبْحِ) وَهِيَ الَّتِي تَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ سم عَلَى ع.

(قَوْلُهُ: وَالشَّرِكَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) ظَاهِرُهُ الشَّرِكَةُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ وَمَقْصُودُ الْبَابِ الشَّرِكَةُ إلَخْ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْبَاطِلَةِ إلَّا وَاحِدًا كَمَا سَيَأْتِي فَلَعَلَّ مُرَادَهُ الشَّرِكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ، هَذَا وَهَلْ يَتَنَاوَلُ اسْمُ الشَّرِكَةِ الْبَاطِلَ مِنْهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>