بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ إمَّا؛ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ، أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ إمَّا لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ، وَالْفَسْخِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ، أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ التَّصَرُّفَ كَمَا يَشْتَهِي كَمَنْعِ الْعِنَانِ الدَّابَّةَ وَقِيلَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عَرَضَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْآخَرَ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّحَابِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا (تَحْصُلُ مِمَّنْ لَهُ التَّوْكِيلُ، وَالتَّوَكُّلُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ بِالْمِلْكِ وَفِي الْآخَرِ بِالْإِذْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ.
لَكِنْ تُكْرَهُ الشَّرِكَةُ مَعَ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا إنْ شَارَكَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ شَارَكَ لِمَحْجُورٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ عَدْلًا يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْمَحْجُورِ عِنْدَهُ (بِالْإِذْنِ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (بِأَنْ يَصَّرَّفَا) بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي الصَّادِ أَيْ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَتَصَرَّفْ الْآذِنُ إلَّا فِي حِصَّتِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَفِي الْآخَرِ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْآذِنُ أَعْمَى دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ.
وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (أَمَّا) قَوْلُهُمَا (اشْتَرَكْنَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْعَنَانَ يَكُونُ بِالْفَتْحِ عَلَى هَذَا كَالْأَخِيرِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُجَابُ بِأَنَّ وُجُودَ هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَسْمِيَتَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِاسْمٍ آخَرَ لِمَعْنًى يُنَاسِبُهُ تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا سم (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ الْمُحْتَرِزُ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَالَ الْمَذْكُورِ مَشُوبٌ بِالشُّبَهِ فِيمَا مَضَى بِرّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُنَا إلَخْ) قَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ تَصَرُّفَ دُونَ مَا إذَا تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ. اهـ. ح ج (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) فِي الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَقَطْ: اتَّجِرْ مَثَلًا، تَصَرَّفَ فِي الْجَمِيعِ وَصَاحِبُهُ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ شَرِيكُهُ زَادَ فِي الْعُبَابِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ إبْضَاعٌ لَا شَرِكَةٌ وَلَا قِرَاضٌ اهـ وَقَدْ يُشْكِلُ نَفْيُ كَوْنِهَا شَرِكَةً مَعَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي الشَّرِكَةِ بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَمُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: الْآذِنُ أَعْمَى) قَدْ يُشْكِلُ صِحَّةُ عَقْدِهِ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ
[حاشية الشربيني]
مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ: ظَهَرَ) أَيْ الْعِنَانُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ: ظَهَرَ، فِي الْقَامُوسِ عَنَّ الشَّيْءُ يَعِنُّ وَيَعُنُّ عَنًّا وَعَنَنًا وَعُنُونًا: إذَا ظَهَرَ أَمَامَك وَالِاسْمُ الْعُنُنُ وَكَكِتَابٍ، ثُمَّ قَالَ: وَكَسَحَابٍ السَّحَابُ قَالَ شَارِحُهُ: وَمَا بَدَا لَك مِنْ السَّمَاءِ اهـ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْعَيْنَ عَلَى هَذَا بِالْفَتْحِ كَالْأَخِيرِ لَمْ أَجِدْهُ فِي الْقَامُوسِ، وَلَا فِي الصِّحَاحِ، وَلَا فِي الْأَسَاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْ الْحَرَامِ) وَإِنْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَسْرِي إلَى جَمِيعِ مَالِهِ بِخِلَافِ مُعَامَلَتِهِ بِغَيْرِ شَرِكَةٍ فَاخْتَصَّتْ كَرَاهَتُهَا بِمَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: لِمَحْجُورِهِ) يُفْهَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَلِيِّ، أَمَّا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَجْزُ عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ. اهـ. ق ل وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِالْإِذْنِ مِنْ كُلٍّ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَصَّرَّفَا) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ التِّجَارَةُ فَلَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ اُشْتُرِطَ اقْتِرَانُ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ كَتَصَرَّفْ فِي هَذَا وَعِوَضِهِ وَتَكْفِي الْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِلْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. تُحْفَةٌ وَهُوَ مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: أَمَّا قَوْلُهُمَا اشْتَرَكْنَا إلَخْ) زَادَ قَوْلُهُمَا دَفْعًا لِمَا قِيلَ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي لَا مُجَرَّدُ اشْتَرَكْنَا أَنَّ فِيهِ تَسَامُحٌ وَالصَّوَابُ لَا مُجَرَّدُ شَارَكْتُك مَعَ الْقَبُولِ. اهـ.؛ لِأَنَّ مَبْنَى التَّصْوِيبِ أَنَّ الْقَائِلَ وَاحِدٌ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: أَمَّا اشْتَرَكْنَا وَحْدَهُ فَمَا كَفَى) أَيْ عَنْ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّصْوِيرِ بِوُقُوعِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَفَى وَيَبْقَى مَا لَوْ وَقَعَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ وُقُوعِ الْآخَرِ، أَوْ قَبُولِهِ وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَعَ الْإِذْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بُدَّ مِنْ اشْتَرَكْنَا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْقَبُولُ مِنْ الْآخَرِ أَمَّا مَعَ الْإِذْنِ مِنْ كُلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute