وَحْدَهُ فَمَا كَفَى) لِقُصُورِهِ عَنْ الْإِذْنِ وَاحْتِمَالِ كَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ حُصُولِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ شَرِكَةً، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: " وَحْدَهُ " أَنَّهُمَا لَوْ نَوَيَا بِقَوْلِهِمَا: " اشْتَرَكْنَا " الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَفَى وَبِهِ جَزَمَ السُّبْكِيُّ وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَالَ: تَصَرَّفْ، أَوْ اتَّجِرْ فِيمَا شِئْت، أَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ: تَصَرَّفْ، أَوْ اتَّجِرْ صَحَّ كَالْقِرَاضِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا عَيَّنَهُ أَنْ يَعُمَّ وُجُودُهُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ
وَإِنَّمَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ (فِي مَالٍ) أَيْ مَالٍ مِثْلِيٍّ، أَوْ مُتَقَوِّمٍ وَتَصِحُّ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ إنْ اسْتَمَرَّ فِي الْبَلَدِ وَاجِهًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (شِرْكَةٍ لَدَى الْعَقْدِ امْتَنَعْ تَمْيِيزُهُ) أَيْ فِي مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا مَعَ امْتِنَاعِ تَمْيِيزِ مَالِ أَحَدِهِمَا عَنْ مَالِ الْآخَرِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ عَقَدَا مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ، أَوْ مَعَهُ مَعَ إمْكَانِ التَّمْيِيزِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ مَالُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ تَلِفَ عَلَى مَالِكِهِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: " لَدَى الْعَقْدِ " الْمَزِيدَ عَلَى الْحَاوِي قَيْدٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْضًا فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى وَأَنَّهُ يَجِبُ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً (وَإِنْ تَفَاوُتٌ وَقَعْ فِي الْقَدْرِ) أَيْ قَدْرِهِمَا كَأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَلِلْآخَرِ أَلْفَانِ (أَوْ قَدْرُهُمَا مَجْهُولُ) أَيْ: أَوْ جُهِلَ قَدْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إذَنْ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ وَلَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ حِصَّةِ الْآخَرِ وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ عِلْمُهُ بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ: السُّبْكِيُّ وَهَذَا أَبْدَاهُ الْإِمَامُ نَظَرًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ عِنْدَ الْعَقْدِ، انْتَهَى. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ عِلْمُهُ بَعْدُ وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ. فَإِنْ جَهِلَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَيُجَابُ بِأَنَّ عَقْدَهُ تَوْكِيلٌ، وَتَوْكِيلُهُ جَائِزٌ كَمَا يَأْتِي وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ صِحَّةُ قِرَاضِهِ م ر
(قَوْلُهُ: كَفَى) هُوَ مُصَوَّرٌ كَمَا تَرَى بِقَوْلِهِمَا جَمِيعًا اشْتَرَكْنَا فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ بَلْ قَوْلُ الْآخَرِ، أَوْ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ اثْنَيْنِ فَلَا يَحْصُلُ بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وِفَاقًا لمر (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: تَصَرَّفْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ مُفِيدًا لِلتَّصَرُّفِ فِي الْأَعْوَاضِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ مَعَ قَرِينَةِ الِاشْتِرَاكِ يُصَيِّرُهُ بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الِاتِّجَارِ بِرّ
(قَوْلُهُ: مَعَ امْتِنَاعِ تَمْيِيزِ إلَخْ) اقْتَضَى عُمُومُ هَذَا الْكَلَامِ صِحَّتَهَا فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا رِطْلَ زَيْتٍ مَثَلًا، وَالْآخَرُ رِطْلَ دُهْنِ لَوْزٍ مَثَلًا وَخَلَطَا وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ الصِّحَّةِ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ يَأْبَاهُ عُمُومُ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّهُ يَجِبُ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا: وَقَدْ يُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي الْمَذْكُورِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ التَّسَاوِي جِنْسًا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ مِنْ التَّمْيِيزِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَجِبُ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّبْحَ، وَالْخُسْرَانَ يَكُونُ حِينَئِذٍ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ لَكِنَّ الْمُحَشِّي هُنَاكَ قَالَ: لَا تَكُونُ شَرِكَةً إذَا أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ إلَّا إنْ تَقَدَّمَ لَفْظُ اشْتَرَكْنَا
وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ عَنْ عب (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَوْكِيلِهِ فِي الْخَلْطِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِمَا جَمِيعًا اشْتَرَكْنَا) أَيْ مَعَ قَصْدِهِمَا بِهِ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا هُوَ الْغَرَضُ، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَيْ مَعَ إرَادَتِهِ بِهِ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ، بَلْ قَوْلُ الْآخَرِ اشْتَرَكْنَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا مَرَّ بِالْهَامِشِ أَنَّهُ يَكْفِي عِنْدَ لَفْظِ الشَّرِكَةِ إذْنُ أَحَدِهِمَا، أَوْ قَبُولُهُ، وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِذْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنَّ بَعْضَهُمْ تَوَقَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ فَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ نَحْوُ اتَّجِرْ فِيمَا شِئْت وَكَذَا اتَّجِرْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ: وَإِنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ فَإِنْ قَالَ: تَصَرَّفْ فِيهَا وَفِي أَعْوَاضِهَا فَقَرِيبٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَعْوَاضَ فَهُوَ إذْنٌ فِيهَا فَقَطْ وَلَيْسَ شَرِكَةً إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ اهـ وَدَفَعَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَذَا فَسَّرَهُ م ر بِقَوْلِهِ أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَتَبَ ق ل عَلَى قَوْلِ الْجَلَالِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ مَا نَصُّهُ أَفَادَ أَنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ كَافٍ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ إرَادَةِ التِّجَارَةِ، أَوْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اهـ وَكُلُّ ذَلِكَ يُخَالِفُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بِرّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَرِينَةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَرِينَةَ تُعَيِّنُ تِلْكَ الْإِرَادَةَ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: يُصَيِّرُهُ إلَخْ أَيْ عِنْدَنَا فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ع ش اعْتِمَادُهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتَرَكْنَا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْمُحَشِّي عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ إخْبَارًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مُشْتَرَكَةٌ شَرْعًا بَيْنَ مُجَرَّدِ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَبَيْنَ الْعَقْدِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ فَاحْتِيجَ فِيهَا إلَى النِّيَّةِ لِانْصِرَافِهَا إلَى الْعَقْدِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ
وَأَيْضًا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ يُشْتَرَطُ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ ذِكْرُ الْعِوَضِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا، وَمُوَافَقَةُ الْآخَرِ بِالْقَبُولِ فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الْإِنْشَاءِ، وَلَا كَذَلِكَ الشَّرِكَةُ وَأَيْضًا ثَبَتَ النَّقْلُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ لِلْإِنْشَاءِ فَصَارَ مُرَادًا مِنْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّقْلُ عَنْ الْخَبَرِ فِي اشْتَرَكْنَا. اهـ. جَمَلٌ عَنْ ع ش، وَهَذَا يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي مَالِ شَرِكَةٍ) أَيْ فِي مَالٍ مُشْتَرَكٍ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إذْ لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا اصْطِلَاحِيًّا إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ تَبَرُّعٍ فَلَا يُقَالُ إنَّ فِي كَلَامِهِ دَوْرًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ مَالٍ مِثْلِيٍّ، أَوْ مُتَقَوِّمٍ) هَذَا لَا يُنَافِي التَّخْصِيصَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِالْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ هَذَا قَدْرًا، وَهَذَا قَدْرًا وَجَعَلَاهُمَا رَأْسَ مَالٍ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَتُتَصَوَّرُ الشَّرِكَةُ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ أَيْ كَأَنْ وَرِثَا الْمُتَقَوِّمَ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَمَيُّزُهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ) مِثْلُهُ التَّفَاوُتُ فِي الْقِيمَةِ وَيَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْقِيمَةِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بَعْدُ، ثُمَّ يَتَعَذَّرُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ