للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْحَمَّامِ، ثُمَّ عَرَضَتْ حَاجَةٌ أُخْرَى فَاشْتَغَلَتْ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ أَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ طَلُقَتْ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا فَاَلَّذِي فِي الشَّامِلِ عَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ الْمَنْعُ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الطَّلَاقِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ الْوُقُوعُ وَصَحَّحَهُ الشَّاشِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَك فَاسْتَأْذَنَهُ فَلَمْ يَأْذَنْ فَخَرَجَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَا يُعْنَى لِعَيْنِهِ بَلْ لِلْإِذْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْبَحُ الْجَنِينَ فَذَبَحَ شَاةً فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَنِثَ؛ لِأَنَّ ذَكَاتَهَا ذَكَاتُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْبَحُ شَاتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ يُرَاعَى فِيهَا الْعَادَةُ وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ ذَبْحٌ لِشَاتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأُولَى أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَقْرَبُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْبِهُ الْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِهِ بِحَمْلِهَا وَجَهْلِهِ وَظَنِّهِ حِيَالَهَا

(بَابُ النَّذْرِ)

بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ لُغَةً: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَشَرْعًا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ خَاصَّةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْتِزَامُ قُرْبَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ عَيْنًا كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩] وَقَوْلُهُ {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَعَنْ النَّصِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيُّ إنَّهُ قُرْبَةٌ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ النَّذْرُ تَقَرُّبٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ النَّذْرُ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَالدُّعَاءِ وَأُجِيبَ عَنْ النَّهْيِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِمَا الْتَزَمَهُ أَوْ أَنَّ لِلنَّذْرِ تَأْثِيرًا كَمَا يَلُوحُ بِهِ الْخَبَرُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ نَاذِرٌ وَمَنْذُورٌ وَصِيغَةٌ، ثُمَّ هُوَ قِسْمَانِ: نَذْرُ لَجَاجٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ وَهُوَ نَوْعَانِ: نَذْرُ مُجَازَاةٍ وَالْتِزَامٍ ابْتِدَاءً وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ هَذَا بِنَوْعَيْهِ مَعَ الْأَرْكَانِ فَقَالَ:. (نَذْرُ سِوَى اللَّجَاجِ أَنْ يَلْتَزِمَا مَنْ كَانَ بَالِغًا بِعَقْلٍ مُسْلِمَا) وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ مُفْلِسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْكَافِرِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْأَوَّلَيْنِ لِلِالْتِزَامِ وَالثَّالِثِ لِلْقُرْبَةِ أَوْ لِالْتِزَامِهَا نَعَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ عَبَّرَ بِاللَّامِ فَقَالَ: إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَقَطْ أَيْ كَانَ خُرُوجُهَا بِقَصْدِ غَيْرِ الْحَمَّامِ فَقَطْ طَلُقَتْ سَوَاءٌ عَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْخُرُوجِ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ الْحَمَّامِ أَوْ لَا وَإِنْ خَرَجَتْ بِقَصْدِ الْحَمَّامِ فَقَطْ أَوْ بِقَصْدِهِ وَقَصْدِ غَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ فَلَا يَصْدُقُ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ إلَّا إذَا قُصِدَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَحْدَهُ كَذَا ذَكَرَهُ م ر، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا إنْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَكُونُ نَاقِصَةً وَإِنْ عَبَّرَ بِإِلَى فَقَالَ: إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ وَاشْتَغَلَتْ بَعْدَ الْخُرُوجِ بِغَيْرِ الْحَمَّامِ طَلُقَتْ سَوَاءٌ خَرَجَتْ بِقَصْدِ غَيْرِ الْحَمَّامِ فَقَطْ أَوْ بِقَصْدِ الْحَمَّامِ فَقَطْ أَوْ بِقَصْدِهِمَا؛ لِأَنَّ إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ وَقَدْ انْتَهَى خُرُوجُهَا لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا عَبَّرَ بِاللَّامِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقَالُ فِي ذَبْحِ الشَّاةِ إنَّهُ ذَبْحٌ لِلْجَنِينِ

(بَابُ النَّذْرِ) (قَوْلُهُ: أَوْ لِلنَّذْرِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى إنَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ مِنْ م ر. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا وَإِلَّا فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِالْكَرَاهَةِ وَهَذَا مُرَادُهُ بِمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ مِنْهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: نَذْرُ مُجَازَاةٍ) هُوَ الْمُعَلَّقُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ أَغْنَانِي اللَّهُ أَوْ شَفَانِي فَعَلَيَّ كَذَا اهـ. (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ وَالِالْتِزَامِ. (قَوْلُهُ: نَذْرُ سِوَى اللَّجَاجِ أَنْ يَلْتَزِمَا مَنْ كَانَ بَالِغًا بِعَقْلٍ مُسْلِمًا إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إفْصَاحٌ بِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الَّتِي مِنْهَا الْإِسْلَامُ مُعْتَبَرَةٌ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرِ) فَإِنْ أَسْلَمَ نُدِبَ قَضَاؤُهُ عب. (قَوْلُهُ: أَوْ لِالْتِزَامِهَا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَهْلِيَّتَهُ لِلْقُرْبَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نَحْوِ صَدَقَتِهِ وَعِتْقِهِ فَيُعَلَّلُ بِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِالْتِزَامِهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

دَلَالَةَ لَهَا عَلَى التَّكْرَارِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَاشْتَغَلَتْ بِهَا) أَيْ: عَدَلَتْ إلَيْهَا وَانْتَهَى إلَيْهَا الْخُرُوجُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا ضَعِيفٌ، أَمَّا لَوْ اشْتَغَلَتْ بِهَا وَلَمْ تَذْهَبْ إلَيْهَا فَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: الْمَنْعُ) أَيْ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ

[بَابُ النَّذْرِ]

(قَوْلُهُ: الْتِزَامُ قُرْبَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ حَتَّى فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ فَيَكُونُ الْمُلْتَزَمُ فِيهِ قُرْبَةً وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَذَرَ إلَخْ) سَمَّاهُ نَذْرًا؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْحَقِيقَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ هُنَا إذْ هِيَ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُشَاكَلَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِالْتِزَامِهَا) ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>