للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَصِحُّ نَذْرُ السَّكْرَانِ كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَصِيغَةُ النَّذْرِ. (كَقَوْلِ) مَنْ يَصِحُّ نَذْرُهُ. (لِلَّهِ عَلَيَّ) كَذَا. (أَوْ عَلَيَّ) كَذَا بِدُونِ لِلَّهِ إذْ الْعِبَادَاتُ، إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا لِلَّهِ فَالْمُطْلَقُ فِيهَا كَالْمُقَيَّدِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: مَالِي صَدَقَةٌ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ اللَّائِقِ بِالْقُرَبِ وَلَوْ قَالَ: نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَيَمِينٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ نَذْرٌ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَلَوْ قَالَ: نَذَرْت لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ أُلْزِمَ بِهِ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ فَهُوَ الْتِزَامٌ لِلتَّصَدُّقِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَيُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ نَذْرِ مَنْ ذُكِرَ أَنْ يَلْتَزِمَ (قُرْبَةٌ أَوْ صِفَتُهَا) الْمُسْتَحَبَّةُ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَةُ عِبَادَةً مَقْصُودَةً بِأَنْ وُضِعَتْ لِلتَّقَرُّبِ بِهَا وَعُرِفَ مِنْ الشَّارِعِ الِاهْتِمَامُ بِتَكْلِيفِ الْخَلْقِ بِإِيقَاعِهَا عِبَادَةً كَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَجٍّ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَإِعْتَاقٍ وَفَرْضِ كِفَايَةٍ وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ فِي أَدَائِهِ إلَى بَذْلِ مَالٍ أَوْ مَشَقَّةٍ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَمْ لَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالٌ وَأَخْلَاقٌ مُسْتَحْسَنَةٌ رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهَا لِعِظَمِ فَائِدَتِهَا وَقَدْ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُثَابُ عَلَيْهَا كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَتَطْيِيبِ الْكَعْبَةِ وَكِسْوَتِهَا وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَالْقُبُورِ وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُ فَرْضِ الْعَيْنِ وَلَوْ عَرَضًا إذْ لَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ بِالنَّذْرِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقَّبَ أَوْ لِالْتِزَامِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ وَقْفُهُ وَعِتْقُهُ وَوَصِيَّتُهُ وَصَدَقَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عُقُودٌ مَالِيَّةٌ لَا قُرْبَةٌ اهـ يَعْنِي أَنَّ فِيهَا جِهَتَيْنِ أَنَّهَا قُرْبَةٌ وَأَنَّهَا عُقُودٌ مَالِيَّةٌ وَصَحَّتْ نَظَرًا لِلْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْعُقُودِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الصَّدَقَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَقْدٍ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْجَزْمِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الِانْعِقَادُ إذَا أَرَادَ الشِّرْكَ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ نَذْرٌ) وَبَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّذْرَ وَكَتَبَ أَيْضًا وَمِنْ الْأَوَّلِ أَيْ اللَّفْظِ نَذَرْت لِلَّهِ أَوْ لَك أَوْ عَلَيَّ لَك كَذَا أَوْ لِهَذَا إذْ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ فِي نَذَرْت لَك وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُ مَعَهَا لِلَّهِ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ وَزَعْمُ شَارِحٍ أَنَّ مُخَاطَبَةَ الْمَخْلُوقِ بِنَحْوِ نَذَرْت لَك يُبْطِلُ صَرَاحَتَهَا عَجِيبٌ إلَخْ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ) عَنْ نَذْرٍ سَابِقٍ عُرِفَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْتِزَامٌ لِلتَّصَدُّقِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ. (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً مَالِي صَدَقَةٌ فَلَغْوٌ وَإِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَعْنًى وُضِعَ لِإِيجَابِ الْقُرْبَةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ كَقَتْلِ زَيْدٍ فَهَلْ هُوَ يَمِينٌ إذَا نَوَاهُ وَفِي شَرْحِ م ر وَع ش أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا آكُلَ الْخُبْزَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ خَالَفَ لِشَبَهِهِ بِالْيَمِينِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ مِنْهُ الْمَنْعَ مِنْ الْفِعْلِ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ كَالْمُبَاحِ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَهَلْ فُرِّقَ بَيْنَ نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ وَلِلَّهِ عَلَيَّ لَأَفْعَلَنَّ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ إلَخْ) مِثْلُهُ نَذَرْت كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْتِزَامٌ لِلتَّصَدُّقِ بِمَالِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فِي تَوْجِيهِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَالْكَفَّارَةِ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ وَالْيَمِينَ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ فَفِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ التَّصَدُّقِ بِكُلِّ مَالِهِ وَالْكَفَّارَةِ فَإِنْ رَغِبَ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَأَنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ أَرَادَ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ فِعْلَهُ فَمَالِي صَدَقَةٌ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهِ عَيْنًا اهـ.

أَيْ:؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَذْرُ تَبَرُّرٍ فَقَوْلُهُ الْتِزَامٌ لِلتَّصَدُّقِ بِمَالِهِ أَيْ: عَيْنًا إنْ كَانَ نَذْرَ تَبَرُّرٍ وَإِلَّا فَعَلَى التَّخْيِيرِ. (قَوْلُهُ قُرْبَةً) وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مَا يَنْذُرُهُ فَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِأَلْفٍ صَحَّ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: قُرْبَةً) مِنْهُ مَا إذَا نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى كَافِرٍ فَيَصِحُّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعَمَلِ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ بَلْ مِنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى التَّعْيِينِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكَافِرِ مِنْ الْمَنْذُورِ وَلَا الرَّقِيقُ وَلَا الْغَنِيُّ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا أَطْلَقَ النَّذْرَ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَصْرِفًا فَيَنْزِلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ وَذَاكَ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَصْرِفَ فَيَعْمَلُ بِهِ وَالْحَقُّ صِحَّةُ النَّذْرِ لِلشَّرِيفِ كَمَا قَالَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي الْمُشَرَّعِ وَعُلَمَاءُ حَضْرَمَوْتَ وَالسَّيِّدُ الْجَوْهَرِيُّ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي شَأْنِ هَذَا الْحُكْمِ وَرَدَّهُ قَوْلُهُ: ع ش لَا يَصِحُّ النَّذْرُ لِهَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٌّ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ يُعْمَلُ بِمُقْتَضَى تَعْيِينِهِ نَعَمْ إنْ أَطْلَقَ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إعْطَاؤُهُمَا مِنْهُ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَا) كَأَنْ تَعَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>