للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا نَذْرَ مَعْصِيَةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فَلَا يَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ عَنْ خَبَرِ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ، بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَغَيْرُهُ يَحْمِلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ وَلَا نَذْرِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَرْغِيبٌ كَأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَإِنْ قَصَدَ بِهِمَا التَّقَوِّيَ عَلَى الْعِبَادَةِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» فَلَوْ نَذَرَ ذَلِكَ وَخَالَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَرَجَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لُزُومَهَا وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ. (فَرْعٌ)

يُشْتَرَطُ فِي الْمَالِيِّ الْمُعَيَّنِ مِنْ صَدَقَةٍ وَإِعْتَاقٍ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَكُونَ مِلْكَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمِلْكِهِ كَقَوْلِهِ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَعَلَيَّ عِتْقُهُ فَيَصِحُّ، ثُمَّ إنْ قَصَدَ الشُّكْرَ عَلَى تَمَلُّكِهِ فَنَذْرُ تَبَرُّرٍ وَالِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَنَذْرُ لَجَاجٍ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

. (وَلَيْسَ شَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بِاللَّفْظِ نَذْرًا) فَلَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ. (لِلْجِزَا) صِلَةُ يَلْتَزِمُ أَيْ: يَلْتَزِمُ مَا ذُكِرَ سَوَاءٌ كَانَ مُجَازَاةً بِأَنْ. (عُلِّقَ بِالْمَقْصُودِ) أَيْ: بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ كَقَوْلِهِ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا أَوْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا (أَوْ مُنَجَّزَا) بِأَنْ لَمْ يُعَلَّقْ بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَخَرَجَ بِالْمَقْصُودِ نَذْرُ اللَّجَاجِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُعَلِّقُهُ النَّاذِرُ بِمَا لَا يَقْصِدُ حُصُولَهُ بَلْ يُرِيدُ إبْعَادَ نَفْسِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ مَثَلًا فَنَذْرُ لَجَاجٍ إلَخْ أَقُولُ يُتَّجَهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَذْرَ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَرْغَبَ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ) إنْ حَنِثَ حَجَرٌ نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: بِحَمْلِهِ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُنَافِي نَذْرَ اللَّجَاجِ فَإِنَّ مِنْ صُوَرِهِ إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ فَعَلَيَّ كَذَا وَهُوَ لَا يُحْتَمَلُ إلَّا اللَّجَاجَ بِخِلَافِ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَعَلَيَّ كَذَا فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ اللَّجَاجَ وَالتَّبَرُّرَ. (قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لُزُومُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِهَا فِي قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك وَفِي قَوْلِهِ إنْ فَعَلْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ وَفِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَدْخُلَ الدَّارَ اهـ.

وَالصِّيغَةُ الْأَخِيرَةُ مَانِعَةٌ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ بِأَنَّ فِيهَا تَعْلِيقًا أَلْحَقَهَا بِالْيَمِينِ فَلَزِمَتْ الْكَفَّارَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمِلْكِهِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدًا إنْ مَلَكْته أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ عَبْدًا أَوْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلَ الدَّارَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ الْتَزَمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَفِي الْأَخِيرَةِ مَالِكٌ لِلْعَبْدِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ الشِّفَاءِ وَالدُّخُولِ وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَلَيَّ لَا إنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي وَمَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّقَرُّبَ بِقُرْبَةٍ بَلْ عَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِشَرْطٍ وَلَيْسَ هُوَ مَالِكًا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَغَا اهـ وَهُوَ يُصَرِّحُ بِأَنَّ نَحْوَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَبْدِي حُرٌّ إنْ دَخَلَ الدَّارَ نَذْرٌ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أُسْقِطَ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَيْهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَذْرِ مَعْصِيَةٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَنْذُورُ فَلَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ بِالْتِزَامِ الْمَعْصِيَةِ فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَإِنْ حَنِثَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْيَمِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ اهـ.

بِاخْتِصَارٍ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ اللَّجَاجِ بِالِاحْتِيَاجِ فِيهِ لِنِيَّةِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ اللَّجَاجِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ مُنَافَاةُ الْمَعْصِيَةِ ظَاهِرَ النَّذْرِ فَاحْتِيجَ لِمَا يُصْرَفُ عَنْ النَّذْرِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَنْ م ر أَنَّ نَذْرَ الْمُبَاحِ يَلْزَمُ فِيهِ كَفَّارَةٌ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ أَوْ كَانَ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَأَنَّ هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ أَيْضًا بَيْنَ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَنَذْرِ الْمُبَاحِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي نَذْرِ الْمُبَاحِ نِيَّةٌ بَلْ كَفَى تَعَلُّقُ مَا ذُكِرَ بِهِ أَوْ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْيَمِينِ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الذَّهَبِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَتَبَ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ إذَا الْتَزَمَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرَ قُرْبَةً لَزِمَتْهُ هِيَ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ مُبَاحًا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا إنْ نَوَى الْيَمِينَ فَيَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ كَفَّارَتُهُ سَوَاءٌ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ عَلَّقَ عَلَى مُبَاحٍ أَوْ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) هُوَ مَحْمُولٌ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ عَلَى مَا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ كَفَّارَةُ نَذْرٍ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَيْنًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي حَاشِيَتِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ تَنَاقُضُهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَدَمِ انْعِقَادِهِ أَنْ لَا كَفَّارَةَ وَيُدْفَعُ التَّنَاقُضُ بِأَنَّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ بَاطِلٌ وَالْكَفَّارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَمِينٌ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لُزُومَهَا) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ لَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>