للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ

وَلَا تَقْصِيرٌ مِنْ الزَّوْجَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا صُدِّقَتْ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَانَ وَاجِبًا، وَهُوَ يَدَّعِي الْمُسْقِطَ كَالنُّشُوزِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ: إلَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ أَوَّلَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ: أَسْلَمْتِ بَعْدِي وَقَالَتْ: بَلْ قَبْلَكَ فَيُصَدَّقُ هُوَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ كُفْرِهَا. (وَ) لَا النَّفَقَاتُ لِمُدَّةٍ (رِدَّةِ الْأُنْثَى) أَيْ: الزَّوْجَةِ فَلَا تَأْخُذُهَا، وَإِنْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ، سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ أَيْضًا أَمْ لَا لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ، وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ مُتَأَخِّرَةِ الْإِسْلَامِ لِتَبْدِيلِهَا دِينَهَا (خِلَافَ) رِدَّةِ. (الذَّكَرِ) أَيْ: الزَّوْجِ، فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِيهَا لِلزَّوْجَةِ مُسْتَمِرَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ. (خَاتِمَةٌ)

لَوْ نَكَحَتْ فِي الْكُفْرِ زَوْجَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمُوا، فَإِنْ تَرَتَّبَ النِّكَاحَانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ فَلَوْ مَاتَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ جَوَازَ تَزْوِيجِ زَوْجَيْنِ فَفِي تَقْرِيرِهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ تَقْرِيرَهُ، وَإِنْ عَقَدَا دَفْعَةً انْدَفَعَا، سَوَاءٌ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ أَمْ لَا وَقِيلَ: لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَحَدَهُمَا إذَا اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ، فَلَوْ أَسْلَمَ فِي حَالِ التَّرَتُّبِ الزَّوْجَانِ دُونَهَا أَوْ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ، فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

. (فَصْلٌ فِي) حُكْمِ (الْخِيَارِ وَأَحْكَامٍ أُخَرَ) كَحُكْمِ جَاحِدِ الْوَطْءِ وَحُكْمِ الْعَزْلِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهَا. (وَبِالْجُذَامِ) ، وَإِنْ قَلَّ، وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ. (وَالْجُنُونِ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا، وَهُوَ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ (وَالْبَرَصْ) ، وَإِنْ قَلَّ، وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ.

(خَيِّرْ) أَنْتَ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ قَامَ بِهِ مَا قَامَ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا) أَيْ: ظُلْمًا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا) أَيْ: بِالْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ارْتَدَّ الزَّوْجُ) ، وَلَوْ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَقَدَا دَفْعَةً انْدَفَعَا) ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الْآخَرِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ جَوَازَ تَزْوِيجِ زَوْجَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا أَوْلَى بِالتَّقْدِيرِ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ

(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَثْمَانٍ، وَقَدْ أَخَذَتْ أَرْبَعَةً وَالسَّبْعُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ وَقَدْ أَخَذْنَ سِتَّةً

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ: لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِهَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَادَّعَتْ سَبْقَهُ فَيَثْبُتُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَعَكَسَ هُوَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ نِصْفِ الْمَهْرِ وَفِي خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا بَسْطٌ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي عِدَّةِ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى انْقِضَائِهَا فِي رَمَضَانَ مَثَلًا وَادَّعَى الْإِسْلَامَ قَبْلَهُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ وَقَعَ فِي رَمَضَانَ فَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا قَبْلَهُ وَأَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَادَّعَى كُلٌّ مُجَرَّدَ السَّبْقِ صُدِّقَ السَّابِقُ بِالدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى أَوَّلًا مَقْبُولٌ فَلَا يُرَدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَنْشَأَهُ حِينَئِذٍ فَدَعْوَى الزَّوْجِ إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ أَنْشَأَ إسْلَامَهُ فِي الْحَالِ وَدَعْوَاهَا بَعْدَهُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَائِهَا فِي الْحَالِ فَيَتَأَخَّرُ انْقِضَاؤُهَا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَدَعْوَاهَا انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَوَّلًا يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَائِهَا فِي الْحَالِ، وَدَعْوَاهُ بَعْدَهَا إسْلَامَهُ أَوَّلًا كَأَنَّهُ إنْشَاءُ إسْلَامٍ فِي الْحَالِ فَيَقَعُ بَعْدَ الْعِدَّةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَأْخُذُهَا إلَخْ) وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، وَفَارَقَتْ مَا لَوْ رَجَعَتْ عَنْ النُّشُوزِ وَهُوَ غَائِبٌ حَيْثُ لَا تَسْتَحِقُّ بِأَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِالرِّدَّةِ زَالَ بِالْإِسْلَامِ وَسُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ لِلْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ قَبْضَتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَزُولُ مَعَ الْغَيْبَةِ. اهـ. م ر

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

(فَصْلٌ فِي الْخِيَارِ) .

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَ بِهِ مَا قَامَ بِالْآخَرِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجُنُونِ. اهـ. مُحَلًّى قَالَ ق ل: وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِوَلِيِّهِمَا وَتَصْوِيرِهِ فِيمَا إذَا أَذِنَتْ فِي مُعَيَّنٍ ثُمَّ جُنَّتْ وَعَقَدَ الْوَلِيُّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فِيهِ مَعَ التَّكَلُّفِ الزَّائِدِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ.؛ لِأَنَّهُ لَا تَبْقَى الْوَكَالَةُ مَعَ جُنُونِ الْمُوَكِّلِ وَتَخَلَّصَ مِنْهُ سم حَيْثُ قَالَ: وَقَبِلَ لَهُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ فَبَانَ وَلِيُّهُ. اهـ وَإِنَّمَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فِيمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ لِيَتِمَّ التَّصْوِيرُ إذْ لَوْ عَلِمَ حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ وَلِيٌّ لَكَانَ جُنُونُ الزَّوْجِ مَعْلُومًا لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فَيَكُونُ رَاضِيًا بِهِ فَلَا خِيَارَ، وَبَعْدَ هَذَا فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ أَنْ يُزَوِّجَهُ مَعِيبَةً بِعُيُوبِ النِّكَاحِ وَمِنْهَا الْجُنُونُ فَلْيُحَرَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>