أَيْ: الْأَكْثَرَ مِنْ عِدَّتَيْ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ إنْ دَخَلَ بِهَا لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ فَأُخِذَ بِالْأَحْوَطِ، فَذَاتُ الْأَشْهُرِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا الْأَقْصَى وَذَاتُ الْإِقْرَاءِ إنْ مَضَتْ أَقُرَّاؤُهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ الْعَكْسِ أَتَمَّتْ، فَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْإِقْرَاءِ، وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْأَقْرَاءِ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا، وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ إسْلَامٍ سَابِقٍ. (قُلْتُ) هَذَا (إذْ) أَيْ: وَقْتَ. (لَا حَمْلُ) ، فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ. (وَوُقِفَ الْإِرْثُ) لَهُنَّ مِنْ رُبُعٍ وَثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ بِدُونِهِ (إلَى الصُّلْحِ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحِقِّهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ. (وَمَعْ تَفَاوُتٍ) فِي الْقِسْمَةِ. (يَجُوزُ) صُلْحُهُنَّ؛ لِأَنَّهُ نُزُولٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ، وَصَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا فَيَمْتَنِعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ فَلَوْ كُنَّ عَشْرًا فَلَا يَرْضَى وَلِيُّهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ اعْتِبَارًا بِعَدَدِهِنَّ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي ثُبُوتِ الْأَيْدِي. (لَا إذَا وَقَعْ) أَيْ: الصُّلْحُ. (عَلَى سِوَى الْإِرْثِ) أَيْ: الْمَوْرُوثِ بِأَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهُنَّ مَالًا لِيَفُوزَ بِالتَّرِكَةِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا، وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحْنَ جَمِيعًا وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ شَيْئًا فَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْمُتَيَقَّنَ فَفِي ثَمَانٍ لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةٌ إلَى الْأَرْبَعِ لَمْ يُدْفَعْ شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَاتِ غَيْرُهُنَّ، فَإِنْ طَلَبَتْ خَمْسٌ دُفِعَ إلَيْهِنَّ رُبُعُ الْمَوْقُوفِ أَوْ سِتٌّ فَنِصْفُهُ أَوْ سَبْعٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ أَنْ يَبْرِينَ عَنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْفُوعَ فَكَيْفَ نُكَلِّفُهُنَّ إسْقَاطَ حَقٍّ آخَرَ إنْ كَانَ؟ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ.
(كَمَنْ إحْدَى النَّسَا طَلَّقَ بِالتَّعْيِينِ ثُمَّ الْتَبَسَا) عَلَيْهِ الْحَالُ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُنَّ لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْصَى وَلِتَحَقُّقِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِنَّ يُوقَفُ الْإِرْثُ لَهُنَّ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَى الصُّلْحِ، وَلَوْ مَعَ التَّفَاوُتِ لَا عَلَى غَيْرِ الْإِرْثِ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا مُبْهِمًا وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى. (لَا إنْ يُطَلِّقْ ثُمَّ يُلْبِسْ) أَيْ: لَا أَنْ يُطَلِّقَ. (مَنْ هِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ. (إحْدَى الْكِتَابِيَّةِ وَالْمُهْتَدِيَهْ) أَيْ: الْمُسْلِمَةِ ثُمَّ يَلْبَسَ الْحَالُ وَيَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ (أَوْ أَرْبَعٌ مِنْ الْكِتَابِيَّاتِ قَدْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ الْبَاقِيَاتِ بِالْإِسْلَامِ حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ أَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ عَلَى أَرْبَعِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَرْبَعِ كِتَابِيَّاتٍ وَأَسْلَمَتْ الْوَثَنِيَّاتُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، فَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ لِلزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ الْإِرْثَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِنَّ الْكِتَابِيَّاتِ بَلْ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُزَاحِمِ، وَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: يَرِثُ الْجَمِيعُ وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَرِثُ إلَّا أَرْبَعٌ فَيُوقَفُ نَصِيبُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُنَّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ السَّابِقِ وَقَالَ الْقَفَّالُ: إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ وَرِثَ الْجَمِيعُ، وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ
(وَالنَّفَقَاتِ لِأَمَدْ تَقَدُّمٍ تَأْخُذُ) أَيْ: وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ لِمُدَّةِ تَقَدُّمِهَا بِالْإِسْلَامِ عَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةَ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ وَأَتَتْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا كَالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً عَلَى تَقْرِيرِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِأَنْ يُسْلِمَ فَجُعِلَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ وَيُفَارِقُ سُقُوطَ الْمَهْرِ بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الْعَقْدِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِتَفْوِيتِ الْمُعَوَّضِ، وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لِلضَّرُورَةِ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَلَمْ يَفُتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهَا. (لَا) النَّفَقَاتُ لِمُدَّةِ (التَّأَخُّرِ) أَيْ: تَأَخُّرِهَا عَنْ الزَّوْجِ بِالْإِسْلَامِ، فَلَا تَأْخُذُهَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لِنُشُوزِهَا بِالتَّأَخُّرِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ ثُمَّ زَالَ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَخَذَتْ النَّفَقَةَ لِعَدَمِ نُشُوزِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ الْعَكْسُ) أَيْ: أَوْ مَضَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، وَقَوْلُهُ: أَتَمَّتْ أَيْ: مَا بَقِيَ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيَانِ) أَيْ: التَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي عَدَمُ اسْتِمْرَارِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِيمَا لَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامُهُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَدَامَ بِهِ الْمَانِعُ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا
[حاشية الشربيني]
أَوْ مُفَارَقَةِ مَنْ عَدَاهُ،
وَقَوْلُهُ: يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِهِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِمْهَالِ) أَيْ: بِدُونِ تَعْزِيرٍ وَحَبْسٍ، بَلْ هُوَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ أَيْ: وُجُوبًا ع ش
(قَوْلُهُ: إلَى الصُّلْحِ) وَلَا يُشْتَرَطُ إقْرَارُ كُلٍّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَسُؤَالُهَا لَهَا بِالتَّرْكِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّهَا لَهَا حَتَّى يَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الصُّلْحِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ إذْ لَا دَيْنَ بَيْنَهُنَّ وَلَا مُعَامَلَةَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ. اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ) وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَوْقُوفِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثُمُنَاهُ وَفِي الثَّالِثَةِ ثُمُنُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخَمْسَةِ خَمْسَةُ أَثْمَانِهِ، وَقَدْ أَخَذْنَ ثُمُنَيْهِ وَالسِّتِّ سِتَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute