الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ أَوْ لِلنِّكَاحِ صَحَا، وَابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ عَائِدًا إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا
. (وَجَازَ أَنْ يَحْصُرَ مَنْ يَخْتَارُ) مِنْهُنَّ. (فِي بَعْضِهِنَّ) كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ فَحَصَرَ الْمُخْتَارَاتِ فِي سِتٍّ إذْ يَخَفْ بِهِ الْإِبْهَامَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ. (وَ) جَازَ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَاهْتَدَى مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ عَلَى أَرْبَعِ كِتَابِيَّاتٍ وَأَرْبَعِ وَثَنِيَّاتٍ. (اخْتِيَارَ اللَّاتِي قَدْ اهْتَدَيْنَ) أَيْ: أَسْلَمْنَ. (وَالْكِتَابِيَّاتِ لَهُ) أَيْ: لِلنِّكَاحِ. (وَ) اخْتَارَ (لِلْفِرَاقِ عُبَّادَ الصُّوَرْ) أَيْ: الْوَثَنِيَّاتِ، فَلَوْ اخْتَارَهُنَّ لِلنِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَا يُسْلِمْنَ
فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِيَارُ، وَكَذَا لَوْ اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ لِلْفِرَاقِ، فَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِنَّ لِلنِّكَاحِ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَخَلِّفَاتِ لِلْفِرَاقِ، وَلَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِيهَا تَبَيَّنَ انْدِفَاعُهُنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَيَتَبَيَّنُ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ، وَيَجُوزُ جَرُّ عُبَّادٍ بِتَقْدِيرِ إضَافَةِ اخْتِيَارٍ إلَيْهِ
. (وَاحْبِسْ) أَنْتَ الزَّوْجَ الْمُكَلَّفَ. (لِيَخْتَارَ) مَالَهُ، وَاخْتِيَارُهُ لِوُجُوبِ الِاخْتِيَارِ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ الْحَاكِمُ، وَإِنْ سَكَتْنَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إذْ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِ الِاخْتِيَارِ كَمَا يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا أَوْ مُعَيِّنًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ إزَالَةَ الْحَبْسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَإِنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ. (وَعَزِّرْ) إنْ. (أَصِرْ) ، وَلَمْ يُغْنِ فِيهِ الْحَبْسُ وَكَرَّرَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْتَارَ بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ بِهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الْحَبْسِ خُلِّيَ حَتَّى يُفِيقَ، وَلَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمِصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْفِرَاقِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا حُبِسَ لَا يُعَزَّرُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَعَلَّهُ يَتَرَوَّى، وَأَقْرَبُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ مُدَّةُ الِاسْتِتَابَةِ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْإِمْهَالِ الِاسْتِنْظَارَ فَقَالَ: وَلَوْ اُسْتُمْهِلَ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُنَّ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ
(، فَإِنْ يَمُتْ) أَيْ: الزَّوْجُ. (مِنْ قَبْلِهِ) أَيْ: قَبْلِ اخْتِيَارِهِ.
(فَكُلُّ) مِنْهُنَّ (تَعْتَدُّ الْأَقْصَى)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: يَصِيرُ عَائِدًا) أَيْ: فِي الظِّهَارِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي السِّتِّ أُخْتَانِ، وَلَا يُقَالُ: يَنْدَفِعُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَعَيَّنُ الْأَرْبَعُ الْبَاقِيَةُ بِلَا اخْتِيَارٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْ الْأُخْتَيْنِ مَعَ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ السِّتِّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِنَّ لِلنِّكَاحِ إلَخْ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَبِاخْتِيَارِهِنَّ أَيْ: الْأَرْبَعِ الْمُسْلِمَاتِ مِنْ الثَّمَانِ الْوَثَنِيَّاتِ يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ أَيْ: يَتَبَيَّنُ انْدِفَاعُهُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَبِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا فَرْقَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاسْتَشْكَلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِي الْعِدَةِ بِنَّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْأُولَى، فَالْمُوَافِقُ لَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ثَمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ لِجَوَازِ أَنْ تَعْتِقَ وَاحِدَةٌ مَثَلًا مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَخْتَارَهَا أَيْضًا، فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِاسْتِيفَائِهِ الْعَدَدَ الشَّرْعِيَّ فَاعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الدِّينِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. كَلَامُ الشَّرْحِ هُنَا فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ مُوَافَقَتُهُ لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ حَاصِلَ الِانْدِفَاعِ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ وَتَبَيُّنَ الِانْدِفَاعِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَاحِدٌ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ: أَنَّ الِانْدِفَاعَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَيَتَبَيَّنُ تَعْيِينُهُنَّ، قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ) أَيْ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَجَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَالَ الْوُرُودِ وَلِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَئِذٍ فَقَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ، فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى
(قَوْلُهُ: انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ) أَيْ: تَبَيَّنَ بِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ انْدِفَاعُهُنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ وَتَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ إذْ لَا يَصِحُّ اخْتِيَارُهُنَّ بِوَجْهٍ لَكِنْ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ لَا نَحْكُمُ قَبْلَ مُضِيِّهَا بِتَعَيُّنِهِنَّ بِالْإِسْلَامِ إذْ لَوْ أَسْلَمْنَ فِيهَا وَلَمْ يَخْتَرْ الْأُولَيَاتِ لَكَانَ لَهُ اخْتِيَارُهُنَّ، فَإِذَا اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ يَكُونُ تَعْيِينُهُنَّ بِالِاخْتِيَارِ فَلَمَّا لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ بِالْإِسْلَامِ لِعَدَمِ إمْكَانِ اخْتِيَارِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: تَبَيَّنَ انْدِفَاعُهُنَّ أَيْ: تَبَيَّنَ بِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ انْدِفَاعُ الْمُسْلِمَاتِ فِي الْعِدَّةِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ وَتَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأُولَيَاتِ وَصَبَرَ إلَى إسْلَامِ الْبَاقِيَاتِ فِي الْعِدَّةِ لَصَحَّ مِنْهُ اخْتِيَارُهُنَّ لِلنِّكَاحِ فَلَمَّا اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ عَيَّنَهُنَّ لِلْفِرَاقِ وَكَانَ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ: أَنَّ انْدِفَاعَهُنَّ بِالِاخْتِيَارِ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ أَنَّ الِانْدِفَاعَ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ بِالْإِسْلَامِ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ انْدِفَاعٍ بِالْإِسْلَامِ وَالتَّعْيِينِ بِالِاخْتِيَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ: اخْتِيَارِ الْمُبَاحِ